للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّرقةُ شَرعًا:

عرَّفَها الفُقهاءُ بعدَّةِ تَعريفاتٍ:

فعندَ الحَنفيةِ لها تَعريفانِ في الشَّريعةِ: تَعريفٌ باعتبارِ الحُرمةِ، وتَعريفٌ باعتبارِ تَرتُّبِ حُكمٍ شَرعيٍّ وهو القَطعُ.

أمَّا الأولُ فهو: أخذُ الشَّيءِ مِنْ الغَيرِ على وَجهِ الخُفيةِ بغيرِ حقٍّ، سواءٌ كانَ نِصابًا أو لا.

وأمَّا الثاني: فهو: أخذُ مُكلَّفٍ خُفيَةً قدْرَ عَشرةِ دَراهمَ مَضروبةٍ مُحرزةٍ بمكانٍ أو حافظٍ (١).

وقيلَ: أخذُ العاقلِ البالغِ نِصابًا مِلكًا للغيرِ لا شُبهةَ لهُ فيهِ على وَجهِ الخُفيةِ (٢).

وقالَ المالِكيةُ: السَّرقةُ التي يَترتَّبُ عليها القَطعُ: أخذُ مُكلَّفٍ نِصابًا فأكثَرَ مِنْ مالٍ مُحتَرَمٍ لغَيرِه بلا شُبهةٍ قَوِيَتْ خُفيةً بإخراجِه مِنْ حِرزٍ غيرِ مأذونٍ فيهِ وإنْ لم يَخرجْ هو بقَصدٍ واحدٍ، أو أخَذَ حُرًّا لا يُميِّزُ لصِغرٍ أو جُنونٍ (٣).


(١) «البحر الرائق» (٥/ ٥٤).
(٢) «الاختيار» (٤/ ١٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٨١).
(٣) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٢٨٠)، وقالَ: (مِنْ مالٍ مُحترمٍ لغيرِه): … ويَدخلُ في المُحترمِ مالُ الحَربيِّ الذي دخَلَ بأمانٍ، فيُقطَعُ سارقُه.
(بلا شُبهةٍ قَوِيتْ) للسارقِ، وليسَ مِنْ الشُّبهةِ السَّرقةُ مِنْ سارقٍ، بل الشُّبهةُ ما ذكَرَه في المُحتَرزاتِ، فمَن سرَقَ نِصابًا ثمَّ سرَقَه منه آخَرُ فإنهُما يُقطَعانِ.
(خُفيةً بإخراجِه مِنْ حِرزٍ غيرِ مَأذونٍ فيه): أي: في دُخولهِ، وهذا إذا خرَجَ السَّارقُ بالنِّصابِ، بل (وإنْ لم يَخرجْ هو): فالمَدارُ على إخراجِ النِّصابِ، دخَلَ السارقُ الحِرزَ أم لا، خرَجَ -إذا دخَلَ- أم لا (بقَصدٍ واحدٍ): شَملَ ما إذا سرَقَ أقلَّ مِنْ نِصابٍ وكرَّرَ الأخذَ بقصدٍ واحدٍ حتَّى كمَّلَ النِّصابَ، فيُقطَعُ كما في سَماعِ أشهَبَ.
(أو حُرًّا) عَطفٌ على «نِصابًا» أخرَجَه مِنْ بَيتِه إنْ كانَ لا يَخرجُ منهُ، أو مِنْ البلدِ إنْ كانَ يَخرجُ مِنْ البيتِ، أو سرَقَه مِنْ كبيرٍ حافظٍ له، وسواءٌ كانَ ذكَرًا أو أنثى (لا يُميِّزُ لصِغرٍ أو جُنونٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>