قالَ المالِكيَّةُ: يُكرَهُ أخذُ الأُجرةِ على الصَّلاةِ، أي: إمامَتِها، مُفرَدةً، فَرضًا أو نَفلًا، وهو في المَكتوبةِ أشَدُّ كَراهيةً، وإن وقعَت صحَّت، وحُكم بها، كالإجارةِ على الحَجِّ، وتَجوزُ الصَّلاةُ خلفَ مَنْ يَأخُذُ الأُجرةَ مِنْ غيرِ كَراهةٍ؛ لأنَّ الإجارةَ ليست عليه حَرامًا؛ فَتَكونَ جَرحةً فيه، تَقدَحُ في إمَامَتِه، وإنَّما هي له مَكروهةٌ، فتَركُها أفضَلُ. ولا تُكرَهُ إمامَةُ مَنْ فعلَ ما تَركُه أفضَلُ، كما لا تُكرَهُ إمامةُ مَنْ تركَ ما فِعلُه أفضَلُ مِنْ النَّوافِلِ.
ومَحَلُّ الكَراهةِ إذا كانَتِ الأُجرةُ تُؤخَذُ مِنْ المُصلِّينَ، وأمَّا إذا أُخِذَت مِنْ بَيتِ المالِ، أو مِنْ وَقفِ المَسجدِ، فلا كَراهةَ؛ لأنَّه مِنْ بابِ الإعانةِ، لا مِنْ بابِ الإجارةِ (١).
أمَّا أخذُ الرِّزقِ على الإمامةِ فمُجمَعٌ عَلى جَوازِه.
قالَ القَرافيُّ ﵀: وتَناوُلُ الأرزاقِ على الإمامةِ مُجمَعٌ على جَوازِه؛ لأنَّها مِنْ بابِ المَعروفِ، لا مِنْ بابِ الإجارةِ، كما ظَنَّه كَثيرٌ مِنْ الفُقهاءِ، فقالَ: إنَّما يَجوزُ تَناوُلُ الرِّزقِ على الإمامةِ في الصَّلاة بِناءً على القولِ بجَوازِ الإجارةِ عليها، وتَورَّعَ عن تَناوُلِه بِناءً على الخِلافِ في جَوازِ الإجارةِ عليها، ولم يَفهَم أنَّ جَوازَ الأرزاقِ عليها كجَوازِ الوَقفِ عليها، بدُونِ أدنى خِلافٍ؛ إذِ الرِّزقُ ليس بمُعاوَضةٍ ألبَتَّةَ، وكيف يَكونُ كذلك
(١) «الاستذكار» (٥/ ٤١٨)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ٢٣٦)، و «البيان والتحصيل» (١/ ٤٦٩).