للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذَهب مُتقدِّمُو الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةُ في الأصَحِّ والحَنابلَةُ في المَذهبِ وابنُ حَبيبٍ مِنْ المالِكيَّةِ إلى أنَّه لا يَجوزُ أخذُ الأُجرةِ على الإمامةِ في الصَّلاةِ المَفروضةِ، وكذا النافِلةُ، كالتَّراويحِ في الأصَحِّ؛ لأنَّه مُصَلٍّ لِنَفسِه، ومتى صلَّى اقتَدَى به مَنْ أرادَ، وإن لم يَنوِ الإمامةَ، وإن تَوَقَّفَ على نيَّتِه شَيءٌ، فهو إحرازُ فَضيلةِ الجَماعةِ، وهذه فائِدةٌ تَختَصُّ به، لا تَحصُلُ لِلمُستَأجِرِ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : الاستِئجارُ لِإمامَةِ الصَّلواتِ المَفروضةِ باطِلٌ، وكذا لِلتَّراويحِ وسائرِ النَّوافِلِ، على الأصَحِّ؛ لأنَّه مُصَلٍّ لِنَفسِه، ومتى صلَّى اقتَدَى به مَنْ أرادَ، وإن لم يَنوِ الإمامةَ، وإن تَوَقَّفَ على نيَّتِه شَئٌ فهو إحرازُ فَضيلةِ الجَماعةِ، وهذه فائِدةٌ تَختَصُّ به، ومَن جَوَّزَه شَبَّهَه بالأذانِ في الشِّعارِ (١).

وذَهب المالِكيَّةُ في المَشهورِ ومُتأخِّرُو الحَنفيَّةِ -وعليه الفَتوَى عندَهم- والشافِعيَّةُ في قَولٍ والحَنابلَةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ أخذُ الأُجرةِ على الإمامةِ؛ لتَأدِّي الشِّعارِ به، كالأذانِ.

رَوى أشهَبُ عن مالِكٍ أنَّه سُئلَ عن الصَّلاةِ خلفَ مَنْ يُستأجَرُ في رَمضانَ يَقومُ بالناسِ، فقالَ: أرجو ألا يَكونَ به بَأسٌ، وإن كانَ به بَأسٌ فعَلَيه، لا على مَنْ صلَّى خلفَه، ورَوى عنه ابنُ القاسِمِ أنَّه كَرِهَهُ، قال: وهو أشَدُّ كَراهةً له في الفَريضةِ.


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>