للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظُهورُ الحَمْلِ بالمرأةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المَرأةِ إذا لم تَكنْ مُتزوِّجةً وظهَرَ عليها الحَملُ، هل يُقامُ عليها الحَدُّ بذلكَ أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ إلى ثُبوتِ حَدِّ الزِّنى على المَرأةِ الحامِلِ إذا لم يَكنْ لها زوجٌ، ولا فرْقَ بينَ الحبَلِ والاعتِرافِ والبيِّنةِ، فهُم سواءٌ في ما يُوجِبُ الحدَّ في الزِّنى، على حديثِ عُمرَ : «الرَّجمُ في كِتابِ اللهِ حَقٌّ على مَنْ زنَى مِنْ الرِّجالِ والنِّساءِ إذا أُحصِنَ إذا قامَتِ البيِّنةُ أو كانَ الحَبَلُ أو الاعتِرافُ» (١)، فسَوَّى بينَ البيِّنةِ والإقرارِ وبينَ وُجودِ الحبَلِ في أنَّ ذلكَ كلَّه مُوجِبٌ للرَّجمِ.

فاذا وُجدَتِ المرأةُ حامِلًا فقالَتْ: «تزوَّجْتُ، أو استُكرِهتُ» لم يُقبَلْ ذلكَ منها إلا بالبيِّنةِ على ما ذكَرَتْ، إلا أنْ تكونَ جاءَتْ تَستغيثُ وهي تَدمَى أو نحوَ ذلكَ مِنْ فَضيحةِ نَفسِها، فإنْ لم يَكنْ ذلكَ أُقيمَ عليها الحَدُّ.

وقالَ ابنُ القاسِمِ : إذا كانَتْ طارئةً غَريبةً فلا حَدَّ عليها (٢).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا حَدَّ عليها بمُجرَّدِ الحبَلِ، سواءٌ كانَ لها زوجٌ أو سَيدٌ أم لا، سواءٌ الغَريبةُ وغيرُها، وسواءٌ ادَّعَتِ الإكراهَ أم سكَتَتْ، فلا حَدَّ عليها مُطلَقًا إلا ببيِّنةٍ أو اعترافٍ؛ لأنَّ الحُدودَ تَسقطُ بالشبُهاتِ (٣).


(١) رواه البخاري (٦٤٤٢)، ومسلم (١٦٩١).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٤٥٦، ٤٥٧)، و «التمهيد» (٢٣/ ٩٧)، و «الاستذكار» (٧/ ٤٨٦).
(٣) «الأم» (٧/ ٤٥)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>