للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَستخلِفَ مَنْ يُتمُّ بهِم الصَّلاةَ، رُويَ ذلكَ عَنْ عُمرَ وعَليٍّ وعَلقمةَ وعطاءٍ والحسَنِ والنَّخَعيِّ والثَّوريِ والأوزاعيِّ والشَّافعيِّ وأصحابِ الرَّأيِ.

وحُكيَ عن أحمَدَ رِوايةٌ أخرَى أنَّ صلاةَ المأمومِينَ تَبطلُ؛ لأنَّ أحمَدَ قالَ: كُنْتُ أذهَبُ إلى جَوازِ الاستِخلافِ وجَبنْتُ عَنهُ.

وقالَ أبو بَكرٍ: تَبطلُ صَلاتهُم رِوايةً واحِدةً؛ لأنَّه فقَدَ شرْطَ صِحةِ الصَّلاةِ في حَقِّ الإمامِ، فبَطلتْ صَلاةُ المأمُومِ كمَا لو تَعمَّدَ الحدَثَ.

ولنَا: إنَّ عُمرَ لمَّا طعَنَ أخَذَ بيَدِ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ فقَدَّمَه فأتَمَّ بهِم الصَّلاةَ، وكانَ ذلكَ بمَحضرٍ مِنْ الصَّحابةِ وغَيرِهم، ولَم يُنكِرْه مُنكِرٌ فكانَ إجماعًا، وقدِ احتَجَّ أحمَدُ بقَولِ عُمرَ وعَليٍّ، وقَولُهُما عِندَه حجَّةٌ، فلا مَعدِلَ عنهُ، وقَولُ أحمَدَ: «جَبنْتُ عَنهُ» إنَّما يَدلُّ على التَّوقُّفِ، وتَوقُّفُه مرَّةً لا يُبطِلُ ما انعَقدَ الإجماعُ عَليهِ، وإذا ثبَتَ هَذا فإنَّ للإمامِ أنْ يَستخلِفَ مَنْ يُتمُّ بهِم الصَّلاةَ كما فعَلَ عُمرُ ، وإنْ لم يَستخلِفْ فقَدَّمَ المأمومُونَ مِنهُم رَجلًا فأتَمَّ بهِم جازَ، وإنْ صَلَّوا وحْدَانًا جازَ، وقالَ الزُّهريُّ في إمامٍ يَنوبُه الدَّمُ أو رَعفٌ أو يَجدُ مَذيًّا: يَنصرِفُ ولْيَقُلْ: «أَتِمُّوا صَلاتَكم».

وقالَ الشَّافعيُّ في آخِرِ قَوليهِ: الاختِيارُ أنْ يُصلِّيَ القَومُ فُرادَى إذا كانَ ذلكَ، ولعلَّ تَوقُّفَ أحمَدَ إنَّما كانَ في الاستِخلافِ لا في صحَّةِ صلاةِ المأمومِينَ؛ فإنَّه قَدْ نَصَّ على أنَّ صَلاةَ المأمومِينَ لا تَفسدُ بضَحكِ الإمامِ، فهَذا أَولى، وإنْ قدَّمتْ كُلُّ طائِفةٍ مِنْ المأمُومِينَ لهُم إمامًا يُصلِّي بهِم فقِياسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>