للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: قالَ في الجَديدِ: (يَجوزُ)، وبهِ قالَ مالكٌ وأبُو حَنيفةَ، وهوَ الصَّحيحُ.

والدَّليلُ عَليهِ: «أنَّ رَسولَ اللهِ استَخلَفَ أبَا بكرٍ ليُصلِّيَ بالنَّاسِ في مرَضِه الَّذي ماتَ فيهِ، فأقامَ سَبعةَ عشَرَ يومًا يُصلِّي بالنَّاس، فوجَدَ رَسولُ اللهِ يومًا في نَفسِه خِفَّةً، فخَرجَ يُهادَى بيْنَ رَجلَينِ، فقامَ على يَسارِ أبي بكرٍ وصلَّى بالنَّاسِ، فصارَ أبو بَكرٍ والنَّاسُ مُؤتمِّينَ بالنَّبيِّ بعدَ أنْ كانَ النَّاسُ مُؤتمِّينَ بأبي بَكرٍ».

ورُويَ أيضًا: «أنَّ النَّبيَّ خرَجَ لِيُصلحَ بيْنَ بَني عَمرِو بنِ عَوفٍ، فأُقيمَتِ الصَّلاةُ فتَقدَّمَ أبو بَكرٍ فصلَّى بهِم بَعضَ الصَّلاةِ، فجاءَ رَسولُ اللهِ ، فلمَّا رآهُ النَّاسُ … أكثَرُوا التَّصفِيقَ، وكانَ أبو بَكرٍ لا يَلتفِتُ في الصَّلاةِ، فلمَّا أكثَرُوا التَّصفِيقَ التَفَتَ فرَأى رَسولَ اللهَ فتَأخَّرَ، فقالَ لهُ النَّبيُّ : «اثبُتْ مَكانَكَ»، وتَقدَّمَ النَّبيُّ وصلَّى بهِم» (١).

ومَن قالَ بهذا … قالَ: فِعلُ النَّبيِّ حينَ ذكَرَ أنَّه جُنبٌ في الصَّلاةِ لا يَدلُّ على أنَّه لا يَجوزُ الاستِخلافُ، وإنَّما يَدلُّ على أنَّ الاستِخلافَ لا يَجبُ. وكذلكَ نَقولُ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قدامَةَ : فَصلٌ: إذا سبَقَ الإمامَ الحدَثُ فلَه أنْ


(١) رواه البخاري (١١٤٣، ٢٥٤٤).
(٢) «البيان» (٢/ ٦١٢، ٦١٣)، و «المهذب» (١/ ٩٦)، و «المجموع» (٤/ ٢٠٩، ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>