للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ التِّرمذيُّ : والعَملُ على هذا عندَ أهلِ العِلمِ مِنْ أصحابِ النبيِّ وغيرِهم أنْ ليسَ على المُستكرَهةِ حَدٌّ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : والعُلماءُ مُتفِقونَ على أنه لا حَدَّ على امرأةٍ مُستكرَهةٍ، واختَلفُوا هل لها صَداقٌ؟ فقالَ عَطاءٌ والزُّهريُّ: لها الصَّداقُ، وهو قولُ مالكٍ والشافِعيِّ وأحمدَ وإسحاقَ وأبي ثَورٍ، وقالَ الشعبيُّ: إذا أُقيمَ الحَدُّ على الذي زنَى بها بطَلَ الصَّداقُ، وهو قولُ الكُوفيِّينَ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وقد أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ على المُستكرِهِ المُغتصِبِ الحدُّ إنْ شَهدَتِ البينةُ عليه بما يُوجِبُ الحَدَّ أو أقَرَّ بذلكَ، فإنْ لم يَكنْ فعَليهِ العُقوبةُ، ولا عُقوبةَ عليها إذا صَحَّ أنه استَكرَهَها وغلَبَها على نفسِها، وذلكَ يُعلَمُ بصُراخِها واستِغاثتِها وصِياحِها وإنْ كانَتْ بِكرًا فيما يَظهرُ مِنْ دَمِها ونحوِها ممَّا يُفصِحُ به أمرُها، فإنْ لم يَكنْ شَيءٌ مِنْ ذلكَ وظهَرَ بها حَملٌ وقالَتْ: «استُكرِهتُ» فقدِ اختَلفَ العلماءُ في ذلكَ …

ولا نَعلمُ خِلافًا بينَ العلماءِ أنَّ المُستكرَهةَ لا حَدَّ عليها إذا صَحَّ استِكراهُها بما ذكَرْنا وشَبهِه …

وعن أبي بَكرٍ وعُمرَ والخُلفاءِ وفُقهاءِ الحِجازِ والعراقِ مثلُ ذلكَ.

واختَلفَ الفُقهاءُ في وُجوبِ الصَّداقِ على المُغتصِبِ:

فقالَ مالكٌ واللَّيثُ والشافِعيُّ: عليهِ الصَّداقُ والحدُّ جَميعًا.


(١) «سنن الترمذي» (٤/ ٥٥).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>