للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ العَمرانِيُّ : إذا كانَ أحَدُهما كامِلًا والآخَرُ ناقِصًا بأنْ كانَ أحَدُهما بالِغًا عاقِلًا حُرًّا والآخَرُ صَغيرًا أو مَجنونًا أو مَملوكًا .. فهل يَصيرُ الكاملُ منهُما مُحصنًا؟ فيه قَولانِ:

أحَدُهما: لا يَصيرُ مُحصنًا -وبه قالَ أبو حَنيفةَ-؛ لأنه وَطءٌ لم يَصِرْ به أحَدُهما مُحصنًا، فلمْ يَصِرِ الآخَرُ مُحصنًا كوَطءِ الشبهةِ.

والثاني: يَصيرُ الكاملُ منهُما به مُحصنًا، وهو الصَّحيحُ؛ لأنه حُرٌّ مُكلفٌ وَطئَ في نِكاحٍ صَحيحٍ فكانَ مُحصنًا كما لو كانَا كاملَينِ.

هذا تَرتيبُ القاضِي أبي الطَّيبِ والشيخِ أبي إسحاقَ، وقالَ الشيخُ أبو حامِدٍ: إذا كانَ الزوجُ حُرًّا عاقِلًا والزَّوجةُ أمَةً .. فإنَّ الزوجَ يَصيرُ مُحصنًا قولًا واحِدًا، وكذلكَ إذا كانَ الزوجُ عَبدًا والزَّوجةُ حُرةً بالِغةً عاقِلةً .. فإنها تَصيرُ مُحصنةً قولًا واحِدًا، فأما إذا كانَ أحَدُهما حُرًّا بالِغًا عاقِلًا والآخَرُ صَغيرًا أو مَجنونًا .. فهلْ يَصيرُ الحرُّ البالغُ العاقِلُ مُحصنًا؟ على القَولينِ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : وهل يَحصلُ -أي الإحصانُ- بوَطءِ زَوجةٍ قبلَ التكليفِ والحُريةِ؟ وَجهانِ:

أصَحُّهما عندَ الجُمهورِ وهو ظاهِرُ النصِّ: لا، فلا يَجبُ الرَّجمُ على مَنْ وَطئَ في نِكاحٍ صَحيحٍ وهو صَبيٌّ أو مَجنونٌ أو رَقيقٌ ثمَّ زنَى بعدَ كَمالِه.


(١) «البيان» (١٢/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>