للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحصِّنِ الآخَرَ كالتسرِّي، فإنِ اختَلَّ شَرطٌ مِنْ ذلكَ في أحَدِهما فلا إحصانَ لواحِدٍ منهُما؛ لأنَّ ما كانَ مُعلَّقًا على شُروطٍ لا يُوجَدُ بدونِها (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في الصَّحيحِ إلى أنه إذا وُجدَتْ شُروطُ الإحصانِ في أحَدِهما ولم تُوجَدْ في الآخَرِ ثبَتَ الإحصانُ فيمَن وُجدَ فيهِ، كالحُرِّ يَطأُ الأمَةَ زوْجَتَه، والمُسلمِ يَطأُ زوْجتَه الكِتابيةَ، والعاقِلِ زَوجتَه المَجنونةَ، والبالغِ يَطأُ الصَّبيَّةَ المُطيقةَ للوَطءِ وإنْ لم تَبلغْ، كلُّ هذا يَكونُ إحصانًا للواطئِ دونَ المَوطوءةِ، وكذلكَ عكسُه يكونُ إحصانًا للمَوطوءةِ دونَ الواطئ، إلا في الصبيِّ يَطأُ الكبيرةَ فإنه لا يَكونُ إحصانًا لواحِدٍ منهُما.

والدَّليلُ عليهِ: أنه حُرٌّ مُكلَّفٌ وَطئَ زَوجتَه بنكاحٍ صَحيحٍ، ووَطئَها وَطئًا مُباحًا، فوجَبَ أنْ يَصيرَ مُحصنًا به، أصلُه إذا كانَا كاملَينِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ: إذا كانَ أحَدُهما كامِلًا دونَ الآخَرِ، كما إذا وَطئَ الحُرُّ المُكلَّفُ أمَةً أو صَبيةً أو مَجنونةً بنِكاحٍ صَحيحٍ .. ثبَتَ الإحصانُ له دُونَها، وكذلكَ العكسُ؛ لأنه حرٌّ مُكلفٌ وَطئَ في نكاحٍ صَحيحٍ، فأشبَهَ ما إذا كانَا كاملَينِ.

والقولُ الثَّاني: لا يَكونُ بذلكَ مُحصنًا؛ لأنه وَطءٌ لا يَصيرُ أحدُ الواطئَينِ به مُحصنًا، فكذلكَ الآخَرُ كالوَطءِ بالشُّبهةِ (٣).


(١) «المبدع» (٩/ ٦٢، ٦٣)، والشرح الكبير (١٠/ ١٦١).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ١٩٦) رقم (١٥٥٢).
(٣) «النجم الوهاج» (٩/ ١١٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>