للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه لا فائِدةَ في الجَلدِ معَ الرَّجمِ؛ لأنَّ الحَدَّ شُرعَ زاجِرًا، وزَجرُه بالجَلدِ لا يتأتَّى مع هَلاكِه وزَجرُ غيرِه يَحصلُ بالرَّجمِ؛ لكَونِه أبلَغَ العُقوباتِ، فإذا عَرِيَ عن الفائدةِ فلا يُشرَعُ، ولهذا لو تكرَّرَ مِنْ شَخصٍ ما يُوجِبُ الحَدَّ يُكتفى بحَدٍّ واحِدٍ؛ لعَدمِ الفائِدةِ في الباقي؛ لأنَّ المَقصودَ وهو زَجرُه وزَجرُ غيرِه يَحصلُ بالأولِ.

وما رَوَوهُ مَعناهُ: الثيِّبُ بالثيِّبِ جَلدُ مِائةٍ أو الرجمُ؛ لأنَّ الواوَ تَجيءُ بمعنَى «أَوْ»، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر: ١] أي: أُولي أجنِحةٍ مَثنَى أو ثُلاثَ أو رُباعَ، فيكونُ معنَى الحَديثِ: الثيِّبُ بالثيِّبِ الرَّجمُ إنْ كانَا مُحصَنينِ، أو جَلدُ مِائةٍ إنْ لم يَكونَا مُحصنينِ، وهذا معنًى مُستقيمٌ لا إشكالَ فيهِ؛ فإنَّ كُلَّ ثيِّبٍ لا يُرجَمُ، فيكونُ تَنبيهًا منه على الحُكمَينِ في الثيِّبِ، على أنَّ هذا الحَديثَ مَنسوخٌ على ما تَقدمَ؛ لأنه كانَ أولَ شَيءٍ في الإسلامِ.

وفِعلُ عَليٍّ مَحمولٌ على ذلكَ، وتأخِيرُه الرَّجمَ إلى يومِ الجُمعةِ دَليلٌ عليهِ؛ لأنَّ تَأخيرَ الحَدِّ بعدَ وُجوبِه لا يَجوزُ، وعُرِفَ أحَدُ الحَدَّينِ بكِتابِ اللهِ تعالى والآخَرُ بالسُّنةِ، فلهذا قالَ: «جلَدْتُها بكِتابِ اللهِ تعالَى ورَجمتُها بسُنةِ رسولِ اللهِ » لا لأنَّ الجَمعَ مَشروعٌ في واحِدٍ.

وأما حَديثُ عليٍّ فمَحمولٌ على أنها زَنَتْ وهي بِكرٌ، فلمْ يَجلدْها حتى صارَتْ ثَيبًا ثم زَنَتْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>