وقد رجَمَ رَسولُ اللهِ ﷺ اليَهوديَّينِ اللذَينِ زنَيَا وماعِزًا والغامِديةَ حتى ماتوا.
فصلٌ: وإذا كانَ الزاني رَجلًا أُقِيمَ قائمًا ولم يُوثَقْ بشيءٍ ولم يُحفَرْ له، سَواءٌ ثبَتَ الزنا ببيِّنةٍ أو إقرارٍ، لا نَعلمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ لم يَحفرْ لماعِزٍ، قالَ أبو سَعيدٍ:«لمَّا أمَرَ رسولُ اللهِ ﷺ برَجمِ ماعزٍ خرَجْنا إلى البَقيعِ، فواللهِ ما حفَرْنا له ولا أوثَقْناهُ، ولكنَّه قامَ لنا» رواهُ أبو داودَ، ولأنَّ الحفْرَ له ودفْنَ بعضِه عُقوبةٌ لم يَرِدْ بها الشرعُ في حقِّه، فوجَبَ أنْ لا تَثبتَ.
وإنْ كانَ امرأةً فظاهرُ كَلامِ أحمَدَ أنها لا يُحفَرُ لها أيضًا، وهو الذي ذكَرَه القاضِي في «الخِلاف»، وذكَرَ في «المُجرَّد» أنه إنْ ثبَتَ الحَدُّ بالإقرارِ لم يُحفرْ لها، وإنْ ثبَتَ بالبيِّنةِ حُفرَ لها إلى الصَّدرِ، قالَ أبو الخطَّابِ: وهذا أصَحُّ عندِي، وهو قَولُ أصحابِ الشافعيِّ؛ لِما رَوى أبو بَكرٍ وبُريدةُ «أنَّ النبيَّ ﷺ رجَمَ امرأةً فحفَرَ لها إلى التَّندُوةِ» رواهُ أبو داودَ، ولأنه أستَرُ لها، ولا حاجَةَ إلى تَمكينِها مِنْ الهَربِ؛ لكَونِ الحدِّ ثبَتَ بالبينةِ، فلا يَسقطُ بفعلٍ مِنْ جِهتِها، بخلافِ الثابتِ بالإقرارِ؛ فإنها تُتركُ على حالٍ لو أرادَتِ الهرَبَ تَمكَّنتْ منه؛ لأنَّ رُجوعَها عن إقرارِها مَقبولٌ.