للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَضاعَفَ الإثمُ، حتى إنَّ الزانِيَ بامرأةِ الغازِي في سَبيلِ اللهِ يُوقَفُ له يَومَ القِيامةِ ويُقالُ: «خُذْ مِنْ حَسناتِه ما شِئتَ» كما رَواهُ مُسلمٌ عن أبي بُريدةَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «حُرمةُ نِساءِ المُجاهِدِينَ على القاعِدينَ كحُرمةِ أمَّهاتِهم، وما مِنْ رَجلٍ مِنْ القاعِدينَ يَخلُفُ رَجلًا مِنْ المُجاهِدينَ في أهلِه فيَخونُه فيهِم إلا وُقِفَ له يومَ القِيامةِ فيَأخذُ مِنْ عَملِه ما شاءَ، فما ظَنُّكم؟» (١)، زادَ النَّسائيُّ فقالَ: «ما ظَنُّكُمْ تَرَونَ يَدَعُ له مِنْ حَسناتِه شَيئًا؟» (٢).

وكما تَختلفُ دَرجاتُه بحَسبِ المَزنِيِّ بها فكذلكَ تَتفاوتُ دَرجاتُه بحَسبِ الزَّمانِ والمكانِ والأحوالِ، وبحَسبِ الفاعلِ، فالزِّنا في رَمضانَ لَيلًا أو نهارًا أعظَمُ إثمًا منه في غيرِه، وكذلكَ في البقاعِ الشَّريفةِ المُفضَّلةِ هو أعظَمُ إثمًا منه فيما سِواها.

وأما تَفاوتُه بحَسبِ الفاعلِ: فالزِّنا مِنْ الحُرِّ أقبَحُ منه مِنْ العَبدِ، ولهذا كانَ حَدُّه على النِّصفِ مِنْ حَدِّه، ومِن المُحصَنِ أقبَحُ منه مِنْ البِكرِ، ومِن الشيخِ أقبَحُ منه مِنْ الشابِ، ولهذا كانَ أحَدَ الثَّلاثةِ الذينَ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزكِّيهِم ولهم عَذابٌ أليمٌ: «الشَّيخُ الزانِيِّ».

ومِن العالِمِ أقبَحُ منه مِنْ الجاهِلِ؛ لعِلمِه بقُبحِه وما يَترتبُ عليهِ وإقدامِه على بَصيرةٍ، ومِن القادِرِ على الاستِغناءِ عنه أقبَحُ مِنْ الفَقيرِ العاجِزِ (٣).


(١) رواه مسلم (١٨٩٧).
(٢) رواه النسائي (٣١٩١).
(٣) «إغاثة اللهفان» (٢/ ١٤٧، ١٤٨)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>