وعن بَجالةَ بنِ عبدٍ قالَ:«كنتُ كاتبًا لجَزءِ بنِ مُعاوِيةَ عَمِّ الأحنَفِ بنِ قَيسٍ فأتانا كِتابُ عُمرَ قبلَ مَوتِه بسَنةٍ: أنِ اقتلُوا كلَّ ساحرٍ وساحِرةٍ» رواهُ أحمَدُ وسَعيدٌ، وفي رِوايةٍ:«فقَتَلْنا ثَلاثَ سَواحِرَ في يَومٍ واحِدٍ»، و «قتَلَتْ حَفصةُ جارِيةً لها سحَرَتْها» رواهُ مالكٌ، ورُويَ عن عُثمانَ وابنِ عُمرَ ﵄.
وكذا مَنْ يَعتقدُ حِلَّ السِّحرِ مِنْ المُسلمينَ فيُقتلُ كُفرًا؛ لأنه أحَلَّ حَرامًا مُجمَعًا عليه مَعلومًا بالضرورةِ.
ولا يُقتلُ ساحِرٌ ذِميٌّ؛ لأنَّ لَبيدَ بنَ الأعصَمِ سحَرَ النبيَّ ﷺ فلمْ يَقتلْه، ولأنَّ الشركَ أعظَمُ مِنْ سِحرِه ولم يُقتلْ به، والأخبارُ ورَدَتْ في ساحِرِ المُسلمينَ؛ لأنه يَكفرُ بسِحرِه، وهذا كافرٌ أصليٌّ، إلا أنْ يَقتلَ الساحِرُ الذميُّ بسِحرِه ويكونُ سِحرُه ممَّا يَقتلُ غالِبًا، فيُقتصٌّ منه إذا قتَلَ مَنْ يُكافئُه كما لو قتَلَ بغيرِه.
فأما الذي يَسحرُ بأدويَةٍ وتَدخينٍ وسَقيِ شَيءٍ لا يَضرُّ فإنه لا يَكفرُ ولا يُقتلُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى وصَفَ الساحِرينَ الكافِرينَ بأنهُم يُفرِّقونَ بينَ المَرءِ وزَوجِه، فيَختصُّ الكفرُ بهم ويَبقَى مِنْ سِواهُم مِنْ السحَرةِ على أصلِ العِصمةِ، ويُعزَّرُ تَعزيرًا بَليغًا دونَ القتلِ؛ لأنه ارتَكبَ مَعصيةً، إلا أنْ يَقتلَ بفِعلِه ذلكَ ويكونُ ممَّا يَقتلُ غالبًا، فيُقتصُّ منه إذا قتَلَ مَنْ يُكافئُه كما لو قتَلَه بغيرِ ذلكَ، وإنْ لم يَكنْ فِعلُه مما يَقتلُ غالبًا فالديَةُ.