للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقِلٌ يُؤمنُ باللهِ أنْ يَقولَ فيه أنه ليسَ بكُفرٍ، فإذا سحَرَ هو بنَفسِه فإنه يُقتلُ ولا يُستتابُ، وقالَ مالِكٌ: هو كالزِّنديقِ إذا عَمِلَ السِّحرَ هو بنَفسِه، قالَ تعالَى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: ١٠٢]، «وقد أمَرَتْ حَفصةُ بجاريةٍ لها سحَرَتْها أنْ تُقتلَ فقُتِلتْ»، قالَ ابنُ عبدِ الحَكمِ وأصبَغُ: هو كالزِّنديقِ مِيراثُه لوَرثتِه مِنْ المُسلمينَ، وإنْ كانَ للسحرِ والزِّندقةِ مُظهِرًا استُتيبَ، فإنْ لم يَتُبْ قُتلَ وكانَ مالُه في بَيتِ المالِ، ولا يُصلَّى عليه بحالٍ، وأما الذي يُسِرُّ ذلك إذا قُتلَ فيَرثُه وَرثتُه، ولا يأمرُهُم بالصَّلاةِ عليهِ، فإنْ فَعَلوا فهُم أعلَمُ.

قالَ الحطَّابُ : والقَولُ الراجحُ فيه أنَّ حُكمَه حُكمُ الزنديقِ، يُقتلُ ولا تُقبلُ تَوبتُه إلا أنْ يَجيءَ تائبًا بنَفسِه (١).

ومَن لم يُباشِرِ السحرَ وجعَلَ مَنْ يَعملُه له فإنه يُؤدَّبُ أدبًا شَديدًا.

وقالَ الباجيُّ: ولا يُقتلُ الساحِرُ حتى يَثبتَ أنَّ ما يَفعلُه هو مِنْ السحرِ الذي وصَفَه اللهُ بأنه كُفرٌ.

قالَ أصبَغُ: يَكشفُ عن ذلك مَنْ يَعرفُ حَقيقتَه.

يُريدُ: ويَثبتُ ذلك عن الإمامِ؛ لأنه مَعنًى يَجبُ به القَتلُ، فلا يُحكَمُ به إلا بعد ثُبوتِه وتَحقيقِه كسائرِ ما يَجبُ به القتلُ.

والذي يَقطعُ أذُنَ الرَّجلِ أو يُدخلُ السكاكينَ في جَوفِ نفسِه إنْ كانَ سِحرًا قُوتلَ، وإنْ كانَ خِلافَه عُوقبَ.


(١) «مواهب الجليل» (٨/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>