للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ: لنْ أو لا نَستعمِلُ على عَمَلِنا مَنْ أرادَه، ولكنِ اذهَبْ أنتَ يا أبا مُوسى أو يا عبدَ اللهِ بنَ قَيسٍ إلى اليَمنِ، ثمَّ أتبَعَه مُعاذَ بنَ جَبَلٍ، فلما قَدِمَ عليه أَلقى له وِسادةً، قالَ: انزِلْ، وإذا رَجلٌ عندَه مُوثَقٌ، قالَ: ما هذا؟ قالَ: كانَ يَهوديًّا فأسلَمَ ثمَّ راجَعَ دِينَه دِينَ السَّوءِ فتَهوَّدَ، قالَ: لا أَجلِسُ حتى يُقتلَ قَضاءُ اللهِ ورَسولِه، فقالَ: اجلِسْ نعمْ، قالَ: لا أَجلِسُ حتى يُقتلَ قَضاءُ اللهِ ورَسولِهِ، ثَلاثَ مرَّاتٍ، فأمَرَ به فقُتِلَ» (١).

وقد أجمَعَ المُسلمونَ على أنَّ الرجلَ البالغَ العاقِلَ إذا كانَ ممَّن اتَّصفَ بالإيمانِ ثمَّ ارتَدَّ مُختارًا غيرَ مُكرَهٍ فاستُتيبَ فلم يَتبْ واسْتُؤنِيَ به فلمْ يُقلعْ أنه مُباحُ الدمِ.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : فيه -أي حَديثِ مُعاذٍ السابقِ- وُجوبُ قَتلِ المُرتدِّ، وقد أجمَعوا على قَتلِه (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على وُجوبِ قَتلِ المُرتدِّ، ورُويَ ذلك عن أبي بَكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعَليٍّ ومُعاذٍ وأبي مُوسى وابنِ عبَّاسٍ وخالِدٍ وغيرِهم، ولم يُنكرْ ذلكَ فكانَ إجماعًا (٣).

وكذلكَ أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المُرتدَّ لا يُقبلُ منه الجِزيةُ، وإنما الإسلامُ أو القَتلُ.


(١) رواه البخاري (٦٥٢٥)، ومسلم (١٧٣٣).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٢/ ٢٠٨).
(٣) «المغني» (٩/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>