للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما برَّأَها اللهُ منه فقدْ مرَقَ مِنْ الدِّينِ ولم يَنعقدْ له نكاحٌ على مُسلمةٍ إلا أنْ يَتوبَ ويُظهِرَ تَوبتَه، وهذا في الجُملةِ قولُ عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ وعاصِمٍ الأحوَلِ وغيرِهما مِنْ التابِعينَ.

قالَ الحارِثُ بنُ عُتبةَ: إنَّ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ أُتِيَ برَجلٍ سَبَّ عُثمانَ فقالَ: ما حمَلَكَ على أنْ سبَبْتَه؟ قالَ: أُبغضُه، قالَ: وإنْ أبغَضْتَ رَجلًا سبَبْتَه؟! قالَ: فأمَرَ به فجُلدَ ثَلاثينَ سَوطًا.

وقالَ إبراهيمُ بنُ مَيسرةَ: ما رأيتُ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ ضرَبَ إنسانًا قَطُّ إلا إنسانًا شتَمَ مُعاويةَ فضرَبَه أسواطًا، رَواهُما اللالَكائيُّ.

وقد تقدَّمَ أنه كتَبَ في رَجلٍ سَبَّه: لا يُقتلُ إلا مَنْ سَبَّ النبيَّ ، ولكن اجلدهُ فوقَ رأسِه أسواطًا، ولولا أني رَجوتُ أنَّ ذلكَ خيرٌ له لم أفعَلْ.

ورَوى الإمامُ أحمَدُ حدَّثَنا أبو مُعاويةَ حدَّثَنا عاصِمٌ الأحوَلُ قالَ: أُتيتُ برَجلٍ قد سَبَّ عُثمانَ، قالَ: فضَربتُه عَشرةَ أسواطٍ، قالَ: ثم عادَ لِما قالَ فضَربتُه عَشرةً أُخرَى، قالَ: فلمْ يَزَلْ يَسبُّه حتى ضَربتُه سَبعينَ سَوطًا.

وهذا هو المَشهورُ مِنْ مَذهبِ مالِكٍ، قالَ مالِكٌ: مَنْ شتَمَ النبيَّ قُتلَ، ومَن شتَمَ أصحابَه أُدِّبَ، وقالَ عبدُ الملكِ بنُ حَبيبٍ: مَنْ غَلا مِنْ الشِّيعةِ إلى بُغضِ عُثمانَ والبَراءةِ منه أدِّبَ أدَبًا شَديدًا، ومَن زادَ إلى بُغضِ أبي بَكرٍ وعُمرَ فالعُقوبةُ عليه أشَدُّ، ويُكرَّرُ ضَربُه ويُطالُ سَجنُه حتى يَموتَ، ولا يُبلَغُ به القتلُ إلا في سَبِّ النبيِّ .

<<  <  ج: ص:  >  >>