للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذَهب الشافِعيَّةُ وزُفَرُ مِنْ الحَنفيَّةِ إلى جَوازِ إمامةِ المُومِئِ بمَن يقدِرُ على الرُّكوعِ والسُّجودِ؛ لأنَّ الإيماءَ بَدلٌ من الرُّكوعِ والسُّجودِ، كما أنَّ التَّيمُّمَ بَدلٌ من الوُضوءِ والغُسلِ، فكما يَجوزُ لِلمُتوَضِّئِ خلفَ المُتيمِّمِ، فَكَذا هذا.

وذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ الائتِمامُ بالمُومِئِ؛ لأنَّ حالَ المُقتَدي أقوى، ولأنَّه رُكنٌ مِنْ أركانِ الصَّلاةِ؛ فلم يَجُز لِلقادِرِ عليه أن يَأتَمَّ بالعاجِزِ عنه، ولقولِ النَّبيِّ : «إنَّما جُعل الإمامُ لِيُؤتمَّ به، فإذا رَكَعَ فاركَعوا، وإذا سجدَ فاسجُدوا»، فجعلَ مِنْ صِفةِ الإمامِ أن يَركَعَ ويَسجُدَ، وهذا لا يُوجَدُ في المُومِئِ؛ لأنَّ الإيماءَ إلى الشَّيءِ غيرُ فِعلِه، ولأنَّه مُؤتَمٌّ بمَن لا رُكوعَ له ولا سُجودَ؛ فلم تَصحَّ، كالمَصلوبِ (١).

وأنَّ الإيماءَ ليس ببَدلٍ من الرُّكوعِ والسُّجودِ؛ لأنَّه بَعضُه، وبَعضُ الشَّيءِ لا يَكونُ بَدلًا منه؛ فلو جازَ الاقتِداءُ به كانَ مُقتَدِيًا في بعضِ الصَّلاةِ دونَ بَعضٍ، وذلك لا يَجوزُ (٢).


(١) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٣٦٤) رقم (٢٧٦).
(٢) «فتح القدير» (١/ ٢٢٠، ٢٢٤)، وابن عابدين (١/ ٣٩٦)، و «الجوهرة النيرة» (١/ ٦٢)، والدُّسوقي (١/ ٣٢٨)، و «الاستذكار» (٢/ ١٧٢)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٤٠)، و «المجموع» (٥/ ٣٥٣)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٧٦)، و «المغني» (٢/ ٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>