للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : الرِّدةُ لا تَصحُّ إلا مِنْ عاقلٍ، فأما مَنْ لا عقْلَ له كالطِّفلِ الذي لا عَقلَ له والمَجنونِ ومَن زالَ عَقلُه بإغماءٍ أو نَومٍ أو مَرضٍ أو شُربِ دَواءٍ يُباحُ شُربُه فلا تَصحُّ رِدتُه ولا حُكمَ لكَلامِه بغيرِ خِلافٍ.

قالَ ابنُ المُنذِرِ: أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ المَجنونَ إذا ارتَدَّ في حالِ جُنونِه أنه مُسلمٌ على ما كانَ عليه قبلَ ذلكَ، ولو قتَلَه قاتلٌ عَمدًا كانَ عليهِ القَودُ إذا طلَبَ أولياؤُه، وقد قالَ النبيُّ : «رُفعَ القَلمُ عن ثَلاثةٍ: عن الصَّبيِّ حتى يَبلغَ، وعن النائِمِ حتَّى يَستيقظَ، وعنِ المَجنونِ حتى يَفيقَ» أخرَجَه أبو داودَ والتِّرمذيُّ وقالَ: حَديثٌ حَسنٌ، ولأنه غيرُ مُكلَّفٍ، فلمْ يُؤاخَذْ بكَلامِه كما لم يُؤاخَذْ به في إقرارِه ولا طَلاقِه ولا إعتاقِه (١).

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : فأما المَجنونُ والطِّفلُ الذي لا يُميِّزُ فأقوالُه كلُّها لَغوٌ في الشَّرعِ، لا يَصحُّ منه إيمانٌ ولا كُفرٌ ولا عَقدٌ مِنْ العُقودِ ولا شَيءٌ مِنْ الأقوالِ باتِّفاقِ المُسلمينَ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ الهُمامِ : المَجنونُ لا يَصحُّ ارتِدادُه بالإجماعِ (٣).


(١) «المغني» (٩/ ١٧).
(٢) «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١١٥).
(٣) «شرح فتح القدير» (٦/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>