والمُعتبَرُ في الصِّبا والجُنونِ وضِدِّهما -أي: البُلوغِ والعَقلِ- والعُسرِ واليُسرِ بوَقتِ الضربِ، أي التوزيعِ على العاقِلةِ، فمتى كانَ وقتُ تَوزيعِها صَبيًّا أو مَجنونًا أو غارِمًا أو غائبًا غَيبةَ انقِطاعٍ فلا شيءَ عليهِ، ولو بلَغَ الصبيُّ بعدَ ضَربِها أو عقَلَ المَجنونُ أو استَغنَى الفَقيرُ بعدَ ضَربِها أو قَدِمَ الغائِبُ غَيبةَ انقِطاعٍ بعدَ ضَربِها وقبلَ قبضِها فلا يُجعلْ عليهِ شيءٌ، وإنْ كانَ وقتَ ضَربِها بالِغًا عاقلًا مُوسرًا حاضرًا ضُربَ عليه، ولا يَسقطُ عنه ما ضُربَ عليه بطُرُوِّ عُسرٍ أو جُنونٍ أو مَوتٍ أو سَفرٍ.
ولا دُخولَ لبَدويٍّ مِنْ عَصبةِ الجاني مع حَضَريٍّ مِنْ عَصبتِه ولا عَكسُه؛ لعَدمِ التناصُرِ بينَهُما، ولا دُخولَ لشامِيٍّ مع مِصريٍّ ولا عَكسُه، وسَواءٌ كانَ المأخوذُ مُتحِدَ الجِنسِ أو لا، اشتَدَّتِ القَرابةُ كابنٍ وابنِ أمٍّ أم لا؛ لأنَّ العلَّةَ التناصُرُ، والشاميُّ لا يَنصرُ مَنْ في مِصرَ، ولا البَدويُّ الحَضريَّ، بل الدِّيةُ على أهلِ قُطرِه.
والدِّيةُ الكامِلةُ لذكَرٍ أو أُنثى مُسلمٍ أو كافرٍ -سَواءٌ كانتْ لنَفسٍ أو طَرفٍ كقَطعِ يَدَينِ أو قَلعِ عَينينِ أو ذَهابِ عَقلٍ خَطأً- تُنجَّمُ على العاقِلةِ في ثَلاثِ سِنينَ، أوَّلُها يومُ الحُكمِ لا يَومُ القَتلِ، ويَحلُّ النَّجْمُ الثالثُ بآخِرِ السَّنةِ الثالثةِ.