للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلِ العلمِ على أنَّ في ثَديِ المرأةِ نصفَ الدِّيةِ، وفي الثَّديينِ الدِّيةَ، وممَّن حَفظْنا ذلكَ عنه الحَسنُ والشعبيُّ والزهريُّ ومَكحولٌ وقَتادةُ ومالكٌ والثوريُّ والشافِعيُّ وأصحابُ الرأيِ، ولأنَّ فيهما جَمالًا ومَنفعةً، فأشبَهَا اليَدينِ والرِّجلينِ، وفي أحَدِهما نصفُ الدِّيةِ؛ لأنَّ كلَّ عُضوينِ وجَبتِ الدِّيةُ فيهما وجَبَ في أحَدِهما نصفُها كاليَدينِ (١).

واختَلفَ الفُقهاءُ في حَلمَتَي المَرأةِ، هل فيهِما الدِّيةُ أم حُكومةٌ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ والمالِكيةُ في قَولٍ إلى أنَّ فيهِما الدِّيةَ كامِلةً، وفي إحداهُما نِصفَ الدِّيةِ.

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى أنَّ في حَلمتَي المَرأةِ الدِّيةَ إنْ أفسَدَ مَخرجَ اللبَنِ بأنِ انقَطعَ أو صارَ دمًا، فإنْ قطَعَهما ولم يُبطلِ اللبَنَ ولم يُفسدْ فحُكومةٌ (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وفي قَطعِ حَلمتَي الثَّديينِ دِيتُهما، نَصَّ عليهِ أحمَدُ ، ورَوى نحو هذا عن الشعبيِّ والنخعيِّ والشافِعيِّ، وقالَ مالِكٌ والثوريُّ: إنْ ذهَبَ اللبنُ وجَبتْ دِيتُهما، وإلا وجَبتْ حُكومةٌ بقَدرِ شَينِه، ونحوُه قالَ قتادةُ: إذا ذهَبَ الرَّضاعُ بقَطعِهما ففيهما الدِّيةُ.

ولنا: إنه ذهَبَ منهُما ما تَذهبُ المَنفعةُ بذَهابِه، فوجَبَتْ دِيتُهما، كالأصابعِ معِ الكَفِّ، وحَشفةِ الذَّكرِ، وبَيانُ ذهابِ المَنفعةِ أنَّ بهما يَشربُ


(١) «المغني» (٨/ ٣٥٨).
(٢) «التاج والإكليل» (٥/ ٢٧٤، ٢٧٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٢٣٥، ٢٣٦)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>