للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانيةُ: لا تَجبُ فيه، وهو قَولُ مالكٍ والثَّوريِّ وأصحابِ الرأيِ وقَتادةَ وإسحاقَ؛ لِما ذكَرْنا في ذكَرِ العنِّينِ، ولأنَّ المَقصودَ منه تَحصيلُ النَّسلِ ولا يُوجدُ ذلكَ منه، فلَم تَكملْ دِيتُه كالأشلِّ، والجِماعُ يَذهبُ في الغالبِ؛ بدَليلِ أنَّ البَهائمَ يَذهبُ جِماعُها بخِصائِها، والفَرقُ بين ذكَرِ العنِّينِ وذكَرِ الخَصيِّ أنَّ الجِماعَ في ذكَرِ العنِّينِ أبعَدُ منه في ذكَرِ الخَصيِّ، واليأسُ مِنْ الإنزالِ مُتحقِّقٌ في ذكَرِ الخَصيِّ دون ذكَرِ العنِّينِ.

فعَلى قولِنا: «لا تَكملُ الدِّيةُ في ذكَرِ الخصيِّ» إنْ قطَعَ الذكَرَ والأُنثيَينِ دُفعةً واحدةً أو قطَعَ الذكَرَ ثم قطَعَ الأُنثيينِ لَزمتْه ديَتانِ، فإنْ قطَعَ الأُنثيينِ ثم قطَعَ الذَّكرَ لم يَلزمْه إلا ديةٌ واحدةٌ في الأُنثيينِ وفي الذكَرِ حُكومةٌ؛ لأنه ذكَرُ خصيٍّ، قالَ القاضِي: ونَصَّ أحمدُ على هذا، وإنْ قطَعَ نصفَ الذكَرِ بالطُّولِ ففيه نصفُ الدِّيةِ، ذكَرَه أصحابُنا، والأَولى أنْ تَجبَ الدِّيةُ كامِلةً؛ لأنه ذهَبَ بمَنفعةِ الجِماعِ به، فكَمُلتْ ديَتُه كما لو أشَلَّه أو كسَرَ صُلبَه فذهَبَ جِماعُه، وإنْ قطَعَ قِطعةً منه مما دُونَ الحَشفةِ وكانَ البولُ يَخرجُ على ما كانَ عليهِ وجَبَ بقَدرِ القِطعةِ مِنْ جَميعِ الذكَرِ مِنْ الدِّيةِ، وإنْ خرَجَ البولُ مِنْ مَوضعِ القطعِ وجَبَ الأكثرُ مِنْ حصَّةِ القطعةِ مِنْ الدِّيةِ أو الحُكومةِ، وإنْ ثقَبَ ذكَرَه فيما دونَ الحَشفةِ فصارَ البولُ يَخرجُ مِنْ الثُّقبِ ففيهِ حُكومةٌ لذلكَ (١).

وقالَ القاضي عبدُ الوهابِ المالِكيُّ : في ذكَرِ الخَصيِّ حُكومةٌ، وقالَ الشافِعيُّ: فيه الدِّيةُ، فدَليلُنا أنَّ مَنفعتَه ناقِصةٌ؛ لأنه لا يُنزلُ ووَطؤُه


(١) «المغني» (٨/ ٢٦٠، ٣٦١)، و «الحاوي الكبير» (١٢/ ٢٩٨)، و «البيان» (٣٨٧، ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>