للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ المُنذرِ : وأجمَعوا على أنَّ في الذكَرِ الدِّيةَ، وانفَردَ قَتادةُ فقالَ: في ذكَرِ الذي لا يَأتي النِّساءَ ثلثُ ما في ذكَرِ الذي يَأتي النساءَ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : وأجمَعوا على أنَّ في كلِّ الذكَرِ الدِّيةَ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ في الذكَرِ الدِّيةُ، وفي كِتابِ النبيِّ لعَمرِو بنِ حَزمٍ: «وفي الذكَرِ الدِّيةُ»، ولأنه عُضوٌ واحِدٌ فيه الجَمالُ والمَنفعةُ، فكَمُلتْ فيه الدِّيةُ كالأنفِ واللسانِ، وفي شلَلَه دِيتُه؛ لأنه ذهَبَ بنَفعِه، أشبَهَ ما لو أشَلَّ لِسانَه، وتَجبُ الدِّيةُ في ذَكرِ الصَّغيرِ والكَبيرِ والشَّيخِ والشابِّ، سواءٌ قدَرَ على الجِماعِ أو لم يَقدرْ.

فأما ذكَرُ العنِّينِ فأكثرُ أهلِ العلمِ على وُجوبِ الدِّيةِ؛ لعُمومِ الحَديثِ، ولأنه غيرُ مَأيوسٍ مِنْ جِماعِه، وهو عضوٌ سَليمٌ في نفسِه، فكَمُلتْ ديَتُه كذكَرِ الشيخِ، وذكَرَ القاضي فيه عن أحمَدَ رِوايتينِ: إحداهُما تَجبُ فيه الدِّيةُ لذلكَ، والثانيةُ: لا تَكملُ ديَتُه، وهو مَذهبُ قَتادةَ؛ لأنَّ مَنفعتَه الإنزالُ والإحبالُ والجِماعُ، وقد عُدمَ ذلكَ منه في حالِ الكَمالِ، فلَم تَكملْ دِيتُه كالأشَلِّ، وبهذا فارَقَ ذكَرَ الصبيِّ والشيخِ.

واختَلفَتِ الرِّوايةُ في ذكَرِ الخَصيِّ، فعَنهُ: فيه ديةٌ كاملةٌ، وهو قَولُ سعيدِ بنِ عبدِ العزيزِ والشافِعيِّ وابنِ المُنذرِ؛ للخبَرِ، ولأنَّ مَنفعةَ الذَّكرِ الجِماعُ، وهو باقٍ فيه.


(١) «الإجماع» (٦٩٢).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>