للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وإنِ اختَلفَا في ذَهابِ سَمعِه فإنه يُتغفلُ ويُصاحُ به ويُنظرُ اضطرابُه ويُتأمَّلُ عندَ صوتِ الرَّعدِ والأصواتِ المُزعجةِ، فإنْ ظهَرَ منه انزِعاجٌ أو التِفاتٌ أو ما يَدلُّ على السَّمعِ فالقَولُ قولُ الجاني مع يَمينِه؛ لأنَّ ظُهورَ الأَماراتِ يَدلُّ على أنه سَميعٌ، فغُلِّبتْ جَنبةُ المُدَّعي، وحُلِّفَ؛ لجَوازِ أنْ يكونَ ما ظهَرَ منه اتِّفاقًا، وإنْ لم يُوجَدْ منه شَيءٌ مِنْ ذلكَ فالقَولُ قولُه مع يَمينِه؛ لأنَّ الظاهرَ أنه غيرُ سَميعٍ، وحُلِّفَ؛ لجَوازِ أنْ يكونَ احتَرزَ وتَصبَّرَ.

وإنِ ادَّعى ذلكَ في إحداهُما سُدَّتِ الأخرَى وتُغفِّلَ على ما ذكَرْنا، فإنِ ادَّعى نُقصانَ السَّمعِ فيهِما فلا طَريقَ لنا إلى مَعرفةِ ذلكَ إلا مِنْ جِهتِه، فيُحلِّفُه الحاكمُ ويُوجِبُ حُكومةً، وإنِ ادَّعَى نقْصَه في إحداهما سدَدْنا العَليلةَ وأطلَقْنا الصَّحيحةَ وأقَمْنا مَنْ يُحدِّثُه وهو يَتباعدُ إلى حيثُ يقولُ: «إني لا أسمَعُ»، فإذا قالَ: «إني لا أسمَعُ» غيَّرَ عليهِ الصوتُ والكَلامُ، فإنْ بانَ أنه يَسمعُ وإلا فقدْ كذَبَ، فإذا انتَهى إلى آخِرِ سَماعِه قدَّرَ المَسافةَ وسَدَّ الصحيحةَ وأُطلقَتِ المَريضةُ وحدَّثَه وهو يَتباعدُ حتى يَقولَ: «إني لا أسمَعُ» فإذا قالَ ذلكَ غيَّرَ عليهِ الكَلامَ، فإنْ تَغيَّرتْ صِفتُه لم يُقبلْ قولُه، وإنْ لم تَتغيرْ صِفتُه حلَفَ وقُبلَ قولُه ومُسحَتِ المَسافتانِ ونُظرَ ما نقَصَتِ العَليلةُ فوجَبَ بقَدرِه، فإنْ قالَ: «إني أسمَعُ العاليَ ولا أسمَعُ الخَفيَّ» فهذا لا يُمكنُ تَقديرُه، فتَجبُ فيه حُكومةٌ.

فَصلٌ: فإنْ قالَ أهلُ الخِبرةِ: «إنه يُرجَى عَودُ سَمعِه إلى مُدةٍ» انتُظرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>