وعن مالكٍ: في جَفنِ العَينِ وحِجَاجِها الاجتهادُ؛ لأنه لم يُعلَمْ تَقديرُه عن النبيِّ ﷺ، والتقديرُ لا يَثبتُ قياسًا.
ولنا: إنها أعضاءٌ فيها جَمالٌ ظاهرٌ ونَفعٌ كاملٌ، فإنها تُكِنُّ العينَ وتَحفظُها وتَقيها الحَرَّ والبَردَ، وتكونِ كالغَلَقِ عليها يُطبقُه إذا شاءَ ويَفتحُه إذا شاءَ، ولولاها لَقَبُحَ مَنظرُه، فوجَبَتْ فيها الدِّيةُ كاليدينِ، ولا نُسلِّمُ أنَّ التقديرَ لا يَثبتُ قياسًا.
فإذا ثبَتَ هذا فإنَّ في أحَدِها رُبعَ الدِّيةِ، وحُكيَ عن الشعبيِّ أنه يَجبُ في الأعلَى ثُلثَا ديَةِ العَينِ، وفي الأسفلِ ثُلثُها؛ لأنه أكثرُ نفعًا.
ولنا: إنَّ كلَّ ذي عَددٍ تَجبُ الدِّيةُ في جميعِه تَجبُ بالحصَّةِ في الواحدِ منه كاليدينِ والأصابعِ، وما ذكَرَه يَبطلُ باليُمنى مع اليُسرى والأصابعِ.
وإنْ قلَعَ العَينينِ بأشفارِهما وجَبَتْ ديَتانِ؛ لأنهما جِنسانِ تَجبُ الدِّيةُ بكلِّ واحِدٍ منهُما مُنفرِدًا فوجَبتْ بإتلافِهما جُملةً ديَتانِ كاليَدينِ والرِّجلينِ، وتَجبُ الدِّيةُ في أشفارِ عينِ الأعمَى؛ لأنَّ ذَهابَ بَصرِه عيبٌ في غيرِ الأجفانِ، فلَم يَمنعْ وُجوبَ الدِّيةِ فيها، كذهابِ الشَّمِّ لا يَمنعُ وُجوبَ الدِّيةِ في الأنفِ.
فَصلٌ: وتَجبُ في أهدابِ العَينينِ بمُفردِها الدِّيةُ، وهو الشَّعرُ الذي على الأجفانِ، وفي كلِّ واحدٍ منها ربعُها، وبهذا قالَ أبو حَنيفةَ، وقالَ الشافِعيُّ: فيه حُكومةٌ.