للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُفونٍ ثلاثةُ أرباعِ الدِّيةِ، فلو جنَى على عَينيهِ فقطَعَ جُفونَهما وأذهَبَ بصَرَهما لَزمَتْه ديَتانِ إحداهُما في الجُفونِ والأخرَى في العَينينِ، كما لو قطَعَ أذُنيهِ وأذهَبَ سمْعَه (١).

وقالَ الشافِعيُّ : وإذا قطَعَ جُفونَ العَينينِ حتى يَستأصلَها ففيها الدِّيةُ كامِلةً، في كُلِّ جَفنٍ رُبعُ الدِّيةِ؛ لأنها أربَعةٌ في الإنسانِ، وهي مِنْ تمامِ خِلقتِه وممَّا يَألمُ بقَطعِه، قياسًا على أنَّ النبيَّ جعَلَ في بعضِ ما في الإنسانِ منه واحِدٌ الدِّيةَ، وفي بعضِ ما في الإنسانِ منه اثنانِ نصفَ الدِّيةِ.

ولو فقَأَ العينَينِ وقطَعَ جُفونَهما كانَ في العَينينِ الدِّيةُ وفي الجفونِ الدِّيةُ؛ لأنَّ العينَينِ غيرُ الجفونِ، ولو نتَفَ أهدابَهما فلَم تَنبتْ كانَ فيها حُكومةٌ، وليسَ في شَعرِ الشَّفرِ أرشٌ مَعلومٌ؛ لأنَّ الشَّعرَ بنفسِه يَنقطعُ فلا يَألمُ به صاحبُه ويَنبتُ ويَقلُّ ويَكثرُ، ولا يُشبهُ ما يَجري فيه الدمُ وتكونُ فيه الحياةُ فيَألمُ المَجنيُّ عليهِ بما نالَه مما يُؤلمُ.

وما أُصيبَ مِنْ جُفونِ العينَينِ ففيهِ مِنْ الدِّيةِ بحِسابِه (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ في جُفونِ العَينينِ حُكومةً، وكذلكَ في كلِّ جَفنٍ منها؛ لأنَّ مَقاديرَ الديَاتِ مَوقوفٌ على النصِّ، وليسَ فيها نَصٌّ، ولأنها تبَعٌ


(١) «الحاوي الكبير» (١٢/ ٢٥٧)، و «الإشراف» (٧/ ٤١١، ٤١٢)، و «الكافي» (٤/ ٩٨، ٩٩)، و «الدر المختار» (٦/ ٥٧٨).
(٢) «الأم» (٦/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>