للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾، أطلَقَ اللهُ القَولَ بالدِّيةِ في جَميعِ أنواعِ القَتلِ مِنْ غيرِ فصلٍ، فدَلَّ أنَّ الواجِبَ في الكلِّ على قَدرٍ واحِدٍ.

ولِما رَواهُ سَعيدُ بنُ المُسيبِ عن النبيِّ : «دِيةُ كلِّ ذِي عَهدٍ في عَهدِه ألفُ دِينارٍ» (١).

ورُويَ «أنَّ عَمرَو بنَ أميَّةَ الضَّمريِّ قتَلَ مُستأمنَينِ فقَضى رَسولُ اللهِ فيهِما بديَةِ حُرَّينِ مُسلمَينِ».

وعن الزُّهريِّ أنه قالَ: «قضَى سيِّدُنا أبو بَكرٍ وسَيدُنا عُمرُ في ديَةِ الذمِّيِّ بمثلِ ديَةِ المُسلمِ»، ومِثلُه لا يكذبُ.

وكذا رُويَ عن ابنِ مَسعودٍ أنه قالَ: «ديَةُ أهلِ الكِتابِ مثلُ دِيةِ المُسلمينَ».

ولأنَّ وُجوبَ كمالِ الدِّيةِ يَعتمدُ كمالَ حالِ القَتيلِ فيما يَرجعُ إلى أحكامِ الدُّنيا، وهي الذُّكورةُ والحُريةُ والعِصمةُ، وقد وُجدَ، ونُقصانُ الكُفرِ لا يُؤثِّرُ في أحكامِ الدُّنيا (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أن دِيةَ الكِتابيِّ الذِّميِّ والمُستأمنِ نِصفُ دِيةِ الحُرِّ المُسلمِ؛ لِما رَواهُ أبو داودَ عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ


(١) «رواه أبو داود في «المراسيل» (٢٦٤).
(٢) «المبسوط» (٢٦/ ٨٤)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٥/ ١٥٥، ١٥٦)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٥٤، ٢٥٥)، و «الهداية» (٤/ ١٧٨)، و «الاختيار» (٥/ ٤٦)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ١٢٨)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>