للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألَا تَرى أنَّ كلَّ واحِدٍ مِنْ العَواقلِ لا يَجبُ عليهِ الكُلُّ، ومع هذا يَجبُ عليهِ البَعضُ، فظهَرَ بذلكَ أنَّ اعتبارَ الجُزءِ بالكُلِّ باطِلٌ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الجاني لا يَحملُ شَيئًا مِنْ الدِّيةِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يَلزمُ القاتِلَ شَيءٌ مِنْ الدِّيةِ، وبهذا قالَ مالكٌ والشافِعيُّ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: هو كواحِدٍ مِنْ العاقِلةِ؛ لأنها وجَبَتْ عليهِم إعانةً له، فلا يَزيدونَ عليهِ فيها.

ولنا: ما رَوى أبو هُريرةَ أنَّ النبيَّ «قضَى بديَةِ المَرأةِ على عاقِلتِها» مُتفَقٌ عليهِ، وهذا يَقتضي أنه قَضَى بجَميعِها عليهِم، ولأنه قاتِلٌ لم تَلزمْه الدِّيةُ، فلَم يَلزمْه بعضُها، كما لو أمَرَه الإمامُ بقَتلِ رَجلٍ فقتَلَه يَعتقدُ أنه بحَقٍّ فبانَ مَظلومًا، ولأنَّ الكفَّارةَ تَلزمُ القاتلَ في مالِه، وذلكَ يَعدلُ قِسطَه مِنْ الدِّيةِ وأكثَرَ منه، فلا حاجَةَ إلى إيجابِ شَيءٍ مِنْ الدِّيةِ عليهِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابن هُبيرةَ : واختَلفُوا في الجاني هل يَدخلُ مع العاقِلةِ فيُؤدي معَهم؟

فقالَ أبو حَنيفةَ: هو كأحَدِهم يَلزمُه ما يَلزمُ أحَدَهم.


(١) «تبيين الحقائق» (٦/ ١٧٨، ١٧٩).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٩٧)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>