للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورَدَتْ آثارٌ مُتواتِرةٌ عن النبيِّ في إيجابِ ديَةِ الخَطأِ على العاقِلةِ، واتَّفقَ الفُقهاءُ عليهِ …

فقدْ تَواترَتِ الآثارُ عن النبيِّ في إيجابِ دِيةِ الخَطأِ على العاقِلةِ، واتَّفقَ السَّلفُ وفُقهاءُ الأمصارِ عليهِ (١).

وقالَ ابنُ بطَّالٍ : قالَ الطَّبريُّ: دِيةُ الخَطأِ على عاقِلةِ القاتلِ والكفَّارةُ على القاتلِ بإجماعٍ (٢).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : فأمَّا دِيةُ الخَطأِ المَحضِ وعَمدِ الخَطأِ فالذي عليهِ جُمهورُ الأمَّةِ مِنْ المُتقدِّمينَ والمُتأخِّرينَ أنها واجِبةٌ على العاقِلةِ تَتحمَّلُها عن القاتلِ، وشَذَّ منهُم الأصَمُّ وابنُ عُليَّةَ وطائِفةٌ مِنْ الخَوارجِ فأَوجَبوها على القاتلِ دونَ العاقِلةِ كالعَمدِ (٣).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : الخَطأُ تَجبُ به الدِّيةُ على العاقِلةِ والكفَّارةُ في مالِ القاتلِ بغَيرِ خِلافٍ نَعلمُه.

والأصلُ في وُجوبِ الدِّيةِ والكفَّارةِ قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ [النساء: ٩٢]، وسَواءٌ كانَ المَقتولُ مُسلِمًا أو كافِرًا له عَهدٌ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢].


(١) «أحكام القرآن» (٣/ ١٩٣، ١٩٤).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٥١٤).
(٣) «الحاوي الكبير» (١٢/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>