للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فله أرشُ الجُرحِ ولا قِصاصَ فيه، وإنْ قطَعَ أذنَ إنسانٍ فاستَوفَى منه فألصَقَ الجاني أُذنَه فالتَصقَتْ وطلَبَ المجنيُّ عليهِ إبانَتَها لم يَكنْ له ذلكَ؛ لأنَّ الإبانةَ قد حَصلَتْ والقِصاصَ قد استُوفِيَ، فلَم يَبْقَ له قِبلَه حقٌّ، فأما إنْ كانَ المجنيُّ عليهِ لم يَقطعْ جَميعَ الأذنِ إنما قطَعَ بعضَها فالتَصقَ كانَ للمَجنيِّ عليهِ قَطعُ جَميعِها؛ لأنه استَحقَّ إبانةَ جَميعِها ولم يَكنْ إبانةٌ، والحُكمُ في السنِّ كالحُكمِ في الأذنِ.

فصلٌ: ومَن ألصَقَ أُذنَه بعدَ إبانتِها أو سِنَّه فهل تَلزمُه إبانتُها؟ فيه وَجهانِ مَبنيَّانِ على الرِّوايتينِ فيما بانَ مِنْ الآدَميِّ هل هو نَجسٌ أو طاهرٌ؟ إنْ قُلنا: «هو نَجسٌ» لَزمَتْه إزالتُها ما لم يَخَفِ الضررَ بإزالتِها، كما لو جبَرَ عظْمَه بعَظمٍ نَجسٍ، وإنْ قُلنا بطَهارتِها لم تَلزمْه إزالتُها، وهو اختِيارُ أبي بَكرٍ وقَولُ عَطاءِ بنِ أبي رَباحٍ وعطاءٍ الخُراسانِيِّ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنه جُزءُ آدَميٍّ طاهرٍ في حَياتِه ومَوتِه، فكانَ طاهِرًا كحالةِ اتِّصالِه، فأما إنْ قطَعَ بعضَ أُذنِه فالتَصقَ لم تَلزمْه إبانتُها؛ لأنها طاهِرةٌ على الرِّوايتينِ جَميعًا؛ لأنها لم تَصِرْ مَيتةً؛ لعَدمِ إبانتِها، ولا قِصاصَ فيها، قالَه القاضِي، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنه لا يُمكنُ المُماثَلةُ في المَقطوعِ منها (١).

وقالَ الزَّركشيُّ : وتُقطعُ الأذنُ بالأذنِ، هذا إجماعٌ في الجُملةِ (٢).


(١) «المغني» (٨/ ٢٥٧، ٢٥٨)، و «الحاوي الكبير» (١٢/ ١٥٩، ١٦٠)، و «البيان» (١١/ ٣٦٨، ٣٦٩).
(٢) «شرح الزركشي» (٣/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>