للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبَياضِ الذي حوْلَها- الديةُ، إلا مالِكًا فإنه قد رُويَتْ عنه رِوايتانِ: إحداهُما: فيها حُكومةٌ، والأُخرى: فيها الدِّيةُ، كمَذهبِ الجَماعةِ (١).

وقالَ الكاسانِيُّ : وأما الأذنُ فإنِ استَوعبَها ففيها القِصاصُ؛ لقَولِه : ﴿وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنَّ استِيفاءَ المِثلِ فيها مُمكنٌ، فإنْ قطَعَ بعضَها فإنْ كانَ له حدٌّ يُعرَفُ ففيه القِصاصُ، وإلا فلا (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الأذنَ تُؤخذُ بالأذنِ؛ وذلكَ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنها تَنتهي إلى حَدٍّ فاصلٍ، فأشبَهَتِ اليَدَ، وتُؤخذُ الكَبيرةُ بالصَّغيرةِ، وتُؤخذُ أذنُ السَّميعِ بأذنِ السميعِ، وتُؤخذُ أذنُ الأصمِّ بكلِّ واحدةٍ منهُما؛ لتَساويهِما، فإنَّ ذهَابِ السَّمعِ نَقصٌ في الرأسِ؛ لأنه مَحلُّه، وليسَ بنَقصٍ فيهما، وتُؤخذُ الصَّحيحةُ بالمَثقوبةِ؛ لأنَّ الثقبَ ليسَ بعَيبٍ، وإنما يُفعلُ في العادةِ للقُرطِ والتزيُّنِ به، فإنْ كانَ الثقبُ في غيرِ مَحلِّه أو كانَتْ مَخرومةً أُخذتْ بالصَّحيحةِ ولم تُؤخذِ الصَّحيحةُ بها؛ لأنَّ الثقبَ إذا انخَرمَ صارَ نقصًا فيها، والثقبُ في غيرِ مَحلِّه عَيبٌ، ويُخيَّرُ المجنيُّ عليهِ بينَ أخذِ الديةِ إلا قدْرَ النقصِ، وبينَ أنْ يقتصَّ فيما سِوَى المَعيبِ ويَتركَه مِنْ أُذنِ الجاني، وفي وُجوبِ الحُكومةِ له في قَدرِ الثقبِ وَجهانِ، وإنْ قُطعَتْ بعضُ أذنِه فله أنْ يقتصَّ مِنْ أذنِ الجاني، وتَقديرُ ذلكَ بالأجزاءِ، فيُؤخذُ النِّصفُ بالنِّصفُ، والثلثُ بالثلُثِ، وعلى


(١) «الإفصاح» (٢/ ٣٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>