للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخَبِيثِها، وجِئنا بأبي مُحمَّدٍ، لَغَلَبناهم، وأبو مُحمدٍ كُنيَةُ الحَجَّاجِ.

وقالَ المالِكيَّةُ: هذا إذا كان فاسِقًا بجارِحةٍ، كزانٍ وشارِبِ مُغَيِّبٍ؛ لعُمومِ قولِه : «يُصَلُّونَ لَكُم، فَإِنْ أَصَابُوا فلَكُم، وَإِنْ أَخطَؤُوا فلَكُم وَعليهم» (١). وحَديثُ عُبَيدِ اللهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيارِ أنَّه دخلَ على عُثمانَ بنِ عفَّانَ وهو مَحصورٌ، فقالَ: إنَّكَ إمامُ عامَّةٍ، ونزلَ بِكَ ما نَرَى، ويُصلِّي لنا إمامُ فِتنةٍ ونَتحَرجُ. فقالَ: «الصَّلاةُ أَحسَنُ ما يَعمَلُ النَّاسُ، فإذا أَحسَنَ النَّاسُ فَأَحسِن معَهم، وإذا أَساؤُوا فَاجتَنِب إِسَاءَتَهم» (٢).

والمُعتَمدُ صحَّةُ الصَّلاةِ خلفَه، مع كَراهَتِها؛ إذ لم يتعلَّق فِسقُه بالصَّلاةِ؛ فإذا تَعلَّق فِسقُه بالصَّلاةِ بَطَلت، كقَصدِه الكِبرَ بالإمامةِ، وكإخلالِه برُكنٍ أو شَرطٍ أو سُنَةٍّ عَمدًا (٣).

قال الإمامُ الخرَشِيُّ : (ص) أو فاسِقًا بجَارِحةٍ. (ش) أي أنَّ صَلاةَ مَنِ اقتَدى بفاسِقٍ بجارِحةٍ باطِلةٌ. وظاهرُه سَواءٌ كانَ فِسقُه بارتِكابِ كَبيرةٍ لم تُكَفِّر، أو صَغيرةٍ. لكنَّ ابنَ بَزِيزةَ التَّابِعَ له المُؤلِّفُ قيَّد البُطلانَ بما إذا كانَ الفِسقُ بارتِكابِ كَبيرةٍ، فيُقَيَّدُ به كَلامُ المُؤلِّفِ، وسَواءٌ كانَتِ الكَبيرةُ لها تَعلُّقٌ بالصَّلاةِ، كالتَّهاوُنِ بها، أو بشُرُوطِها، أو لا، كزِنًا وغِيبةٍ وعُقوقٍ ودَفعِ دَرَاهِمَ لِزَوجَتِه تَدخلُ بها الحَمَّامَ مُتجرِّدةً مع نِساءٍ مُتجرِّداتٍ، وإمامٍ أو كاتِبٍ لِظالِمٍ، ثم إنَّ المُعتَمدَ صحَّةُ الصَّلاةِ خلفَ الفاسِقِ، كما في ابن غازيٍّ


(١) رواه البُخاري (٢٩٤).
(٢) رواه البُخاري (٦٩٥).
(٣) «بُلغة السَّالك» (١/ ٢٨٩)، و «منح الجليل» (١/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>