للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكْلَه فعليهِ الديَةُ؛ لأنه إذا أكَلَه بنَفسِه فهو القاتِلُ لها، والذي قدَّمَه إليه إنَّما غَرَّه، والغُرورُ لا يَتعلَّقُ به ضَمانُ النَّفسِ (١).

وهذا النَّوعُ عندَ الحَنابلةِ له نَفسُ حُكمِ القَتلِ الخَطأِ مِنْ وُجوبِ الدِّيةِ والكفَّارةِ.

قالَ الحَنابلةُ: والقَتلُ بالسَّببِ كحَفرِ البئرِ ونَصلِ السِّكينِ وقَتلِ غيرِ المُكلَّفِ أُجريَ مَجرَى الخَطأِ وإنْ كانَ عَمدًا، قالَ ابن قُدامةَ : وهذهِ الصُّورةُ التي ذكَرَها عندَ الأكثَرينَ مِنْ قِسمِ الخَطأِ؛ فإنَّ صاحِبَها لم يَعمدِ الفِعلَ أو عمَدَه وليسَ هو مِنْ أهلِ القَصدِ الصَّحيحِ، فسَمَّوهُ خَطأً فأعطَوهُ حُكمَه، وقد صرَّحَ الخِرقيُّ بذلكَ فقالَ في الصبيِّ والمَجنونِ: عَمدُهما خَطأٌ (٢).

أما المالِكيةُ فيَرونَ أنَّ الجِنايةَ بالتَّسببِ تأخذُ حُكمَ العَمدِ، قالوا: لو تَسبَّبَ الجاني في الإتلافِ، وهو أنْ يَفعلَ فِعلًا يكونُ سَببًا للإتلافِ، كحَفرِ بِئرٍ، وإنْ حفَرَها ببَيتِه فوقَعَ فيها المَقصودُ، أو وَضعِ شَيءٍ مُزلقٍ كقِشرِ بطِّيخٍ، أو ماءٍ بنَحوِ طينٍ مُزلقٍ بطَريقٍ لمَقصودٍ، أو رَبطِ دابَّةٍ بطَريقٍ لمَقصودٍ، أو اتِّخاذِ كَلبٍ عَقورٍ، لمُعيَّنٍ- راجعٍ لجَميعِ ما قبلَه- وهلَكَ المُعيَّنُ المَقصودُ


(١) «المبسوط» (٢٦/ ٦٨)، و «الهداية» (٤/ ١٥٩، ١٦٠)، و «الاختيار» (٥/ ٣٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٠٤)، و «البحر الرائق» (٨/ ٣٢٧، ٣٢٨).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٠٨)، و «الشرح الكبير» (٩/ ٣٢٠)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣)، و «المبدع» (٨/ ٢٤٠، ٢٤١)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٣٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٩٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>