للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه ناقِصٌ بالكُفرِ كالحَربيِّ والمُستأمنِ، ولأنه حَدٌّ لا يَجبُ استِيفاؤُه إلا بالمُطالَبةِ، فلَم يَجبْ لكافرٍ على مُسلمٍ كحَدِّ القذفِ (١).

ولأنهم أجمَعُوا أنه لا يُقادُ الكافرُ مِنْ المُسلمِ فيما دُونَ النفسِ مِنْ الجِراحِ، فالنَّفسُ بذلكَ أحرَى (٢).

القَولُ الثانِي: ذهَبَ الإمامُ مالكٌ إلى نَفسِ قَولِ الشافِعيةِ والحَنابلةِ أنَّ المُسلمَ إذا قتَلَ كافِرًا -أيَّ كافرٍ كانَ- لا يُقتلُ به إلا إذا قتَلَ المُسلمُ الذِّميَّ غِيلةً فإنه يُقتلُ به، وقَتلُ الغِيلةِ أنْ يَقتلَه ليَأخذَ مالَه كما يَصنعُ قاطعُ الطَّريقِ، لا يَقتلُه لثائرةٍ ولا عَداوةٍ، سَواءٌ كانَ القتلُ خِفيةً كما لو خدَعَه فذهَبَ به لمَحلٍّ فقتَلَه فيه لأخذِ المالِ، أو كانَ ظاهِرًا على وَجهٍ يَتعذرُ معَه الغَوثُ، وإنْ كانَ الثاني يُسمَّى حِرابةً، ولا يُقتلُ به قِصاصًا، بل للفَسادِ، ولذا قالَ الإمامُ مالكٌ: لا عفْوَ فيه ولا صُلحَ، وصُلحُ الوليِّ مَردودٌ، والحُكمُ فيه للإمامِ (٣).

القَولُ الثالِثُ: وهو قَولُ الحَنفيةِ: أنَّ المُسلمَ إذا قتَلَ ذِميًّا يُؤدِّي الجِزيةَ وتَجرِي عليهِ أحكامُ الإسلامِ فإنه يُقتلُ به قِصاصًا؛ لعُموماتِ القِصاصِ مِنْ


(١) «البيان» (١١/ ٣٠٥، ٣٠٧)، و «المغني» (٨/ ٢١٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ٦١٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٢٦، ٢٢٨).
(٢) «الاستذكار» (٨/ ١٢٤).
(٣) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٥٦٥)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٨١، ٨٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٢١٧)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٧٧، ١٧٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>