وقولُه تعالَى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥] الألفُ واللامُ للجِنسِ، فتَقديرُه: الأنفُسُ بالأنفُسِ، وكذلكَ قولُه: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾ [البقرة: ١٧٨] تَقديرُه: الأحرارُ بالأحرارِ، فلا فرْقَ بينَ جَماعةٍ قَتَلوا واحِدًا أو جَماعةً.
ورَوى ابنُ المُسيبِ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ ﵁ قتَلَ نَفرًا خَمسةً أو سَبعةً برَجلٍ واحدٍ قَتَلوهُ قتْلَ غِيلةٍ، وقالَ عُمرُ: «لو تَمالأَ عليهِ أهلُ صَنعاءَ لَقَتلتُهم جَميعًا» (١).
(١) رواه مالك في «الموطأ» (١٥٦١)، وروى البيهقي في «السنن الكبرى» (١٥٧٥٤): عن جَريرِ بنِ حازمٍ أنَّ المُغيرةَ بنَ حَكيمٍ الصنعانِيَّ حَدَّثَه عن أبيه «أنَّ امرأةً بصَنعاءَ غابَ عنها زوجُها وترَكَ في حِجرِها ابنًا له مِنْ غيرِها غلامُ يقالُ له أصيلٌ، فاتَّخذتِ المرأةُ بعدَ زوجِها خَليلًا، فقالتْ لخَليلِها: إنَّ هذا الغلامَ يَفضحُنا فاقتُلْه، فأبَى فامتَنعتْ منه، فطاوَعَها واجتَمعَ على قتلِه الرجلُ ورَجلُ آخرُ والمرأةُ وخادمُها، فقَتلوهُ ثم قَطعوهُ أعضاءَ وجَعلوهُ في عَيبةٍ مِنْ أدمٍ فطَرحوهُ في رَكيَّةٍ في ناحيةِ القريةِ وليسَ فيها ماءٌ، ثم صاحَتِ المرأةُ فاجتمَعَ الناسُ فخَرَجوا يَطلبونَ الغُلامَ، قالَ: فمَرَّ رَجلٌ بالرَّكيةِ التي فيها الغلامُ فخرَجَ منها الذبابُ الأخضَرُ، فقُلنا: واللهِ إنَّ في هذهِ لجيفةً، ومعنَا خَليلُها، فأخذَتْه رَعدةٌ فذَهبْنا به فحَبَسناهُ وأرسَلْنا رَجلًا فأخرَجَ الغلامَ، فأخَذْنا الرجلَ فاعتَرفَ فأخبَرَنا الخبَرَ فاعتَرفَتِ المرأةُ والرجلُ الآخرُ وخادمُها، فكتبَ يَعلى وهو يَومئذٍ أميرُ بشَأنِهم فكتَبَ إليه عمرُ ﵁ بقَتلِهم جَميعًا وقالَ: واللهِ لو أنَّ أهل صَنعاءَ شَرِكوا في قَتلِه لَقَتلتُهم أجمعَينَ»، وروينَا عن أبي إسحاقَ السَّبيعيِ عن سَعيدِ بنِ وَهبٍ قالَ: «خرَجَ قومٌ وصَحِبَهم رَجلٌ، فقَدِموا وليسَ معَهم فاتَّهمَهم أهلُه، فقالَ شُريحٌ: شُهودُكم أنهُم قَتَلوا صاحبَكم وإلا حَلَفوا باللهِ ما قَتَلوهُ، فأتَوا بهم عليًّا ﵁، قالَ سعيدٌ: وأنا عندَه، ففرَّقَ بينَهُم فاعتَرَفوا، قالَ: فسَمعتُ عليًّا ﵁ يقولُ: أنا أبو حَسنٍ القَرمُ، فأمَرَ بهم عليٌّ ﵁ فقُتلوا».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute