وقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩]، وسَببُ الحَياةِ أنَّه إذا عَلِمَ القاتِلُ بوُجوبِ القِصاصِ عليهِ إذا قتَلَ كَفَّ عنِ القَتلِ، فحَي القاتِلُ والمَقتولُ؛ لأنَّه لو لم تُقتَلِ الجَماعةُ بالواحِدِ لأدَّى ذلكَ إلى رفْعِ الحَياةِ في القِصاصِ الذي جعَلَه اللهُ حَياةً.
ولو عَلِمَ الجَماعةُ أنهُم إذا قتَلَوا واحِدًا لم يُقتلُوا لَتعاونَ الأعداءُ على قَتلِ أعدائِهم بالاشتِراكِ في قَتلِهم وبَلَغوا الأملَ مِنْ التشفِّي منهُم.
وأيضًا فإنَّ النَّفسَ لا تَتبعَّضُ في الإتلافِ؛ بدَليلِ أنه لا يُقالَ:«قاتِلُ بَعضِ نَفسٍ»؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ قد حصَلَ مِنْ جِهتِه فِعلُ ما يَتعلقُ به خُروجُ الرُّوحِ عندَه، وهذا لا يَتبعضُ؛ لامتِناعِ أنْ يَكونَ بعضُ الرُّوحِ خرَجَ بفِعلِ أحَدِهم وبَعضُها بفِعلِ الباقينَ، فكانَ كلُّ واحدٍ منهُم قاتِلَ نَفسٍ، ومثلُ هذا لو أنَّ جَماعةً دَفَعوا حَجرًا لَكانَ كلُّ واحدٍ منهُم دافِعًا له؛ لأنَّ الحجَرَ لا يَتبعضُ كما أنَّ النَّفسَ لا تَتبعضُ.