للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: إنْ قصَدَها، وقيلَ: إنِ ادَّعَى قصْدَ القَودِ فقطْ قُبلَ، وإلا بَرئَ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : اتَّفقُوا على أنَّ لوليِّ الدمِ أحَدَ شَيئينِ: القِصاصَ أو العَفوَ، إما على الدِّيةِ وإما على غيرِ الديةِ.

واختَلفُوا هل الانتقالُ مِنْ القِصاصِ إلى العَفوِ على أخذِ الديةِ هو حَقٌّ واجبٌ لوليِّ الدمِ دونَ أنْ يكونَ في ذلكَ خيارٌ للمُقتَصِّ منه؟ أم لا تَثبتُ الديَةُ إلا بتَراضي الفَريقينِ -أعنِي الوليَّ والقاتلَ- وأنه إذا لم يُرِدِ المُقتصُّ منه أنْ يُؤديَ الديَةَ لم يَكنْ لوليِّ الدمِ إلا القِصاصُ مُطلقًا أو العَفوُ؟

فقالَ مالِكٌ: لا يَجبُ للوليِّ إلا أنْ يَقتصَّ أو يَعفُو عن غيرِ دِيةٍ، إلا أنْ يَرضَى بإعطاءِ الديةِ القاتِلُ، وهي رِوايةُ ابنِ القاسِمِ عنه، وبهِ قالَ أبو حَنيفةَ والثوريُّ والأوزاعيُّ وجَماعةٌ.

وقالَ الشافِعيُّ وأحمدُ وأبو ثَورٍ وداودُ وأكثَرُ فُقهاءِ المَدينةِ مِنْ أصحابِ مالكٍ وغيرِه: وليُّ الدمِ بالخِيارِ إنْ شاءَ اقتصَّ وإنْ شاءَ أخَذَ الديةَ، رَضيَ القاتلُ أو لم يَرْضَ، ورَوى ذلكَ أشهَبُ عن مالكٍ، إلا أنَّ المَشهورَ عنه هي الرِّوايةُ الأُولى.

فعُمدةُ مالكٍ في الرِّوايةِ المَشهورةِ حَديثُ أنسِ بنِ مالكٍ في قِصةِ سِنِّ


(١) «الحاوي الكبير» (١٢/ ٩٥، ٩٦)، و «المهذب» (٢/ ١٨٨)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٢٥٩، ٢٦١)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٣٩، ٤٤٢)، و «المغني» (٨/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «الكافي» (٤/ ٤٩)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٩)، و «المبدع» (٨/ ٣٠٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٤٠، ٦٤١)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٦١، ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>