للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الزَّركشيُّ : مَنْ عَفَى مِنْ الوَرثةِ عن القِصاصِ سقَطَ؛ إذِ القَتلُ عِبارةٌ عن زُهوقِ الرُّوحِ بآلةٍ صالِحةٍ، وذلكَ لا يَتبعضُ، فإذا أسقَطَ بعضُ مُستحِقيهِ حقَّه منه سقَطَ؛ لتَعذُّرِ استيفائِه (١).

واستَدلَّ الفُقهاءُ على ذلكَ بما رَواهُ أبو داودَ وغيرُه عن عائِشةَ عن رَسولِ اللهِ أنه قالَ: «على المُقتتِلِينَ أنْ يَنحَجِزوا الأوَّلَ فالأولَ وإنْ كانَتِ امرَأةً» (٢).

قالَ أبو دَاودَ: بلَغَني أنَّ عفْوَ النساءِ في القَتلِ جائزٌ إذا كانَتْ إحدَى الأولياءِ، وبلَغَني عن أبي عُبيدٍ في قَولِه: «يَنحَجِزوا» يَكفُّوا عن القَودِ (٣).

قالَ أبو عُبيدٍ: وهذا الانحِجازُ هو العَفوُ عن الدمِ، وفي هذا الحديثِ ما قد دَلَّ على جَوازِ عَفوِ النساءِ عن الدمِ العَمدِ كما يجوزُ عفوُ الرجالِ عنه، كلُّ هذا مِنْ كَلامِ أبي عُبيدٍ (٤).

وبما رَواهُ عبدُ الرزاقِ عن مَعمرٍ عن قَتادةَ «أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رُفعَ إليه رَجلٌ قتَلَ رَجلًا، فجاءَ أولياءُ المَقتولِ وقد عَفَا أحَدُهم، فقالَ عُمرُ لابنِ مَسعودٍ وهو إلى جَنبِه: ما تَقولُ؟ فقالَ ابنُ مَسعودٍ: أقولُ إنه قد أُحرِزَ مِنْ القَتلِ، قالَ: فضرَبَ على كَتفِه ثمَّ قالَ: كُنيفٌ مُلِئَ عِلمًا» (٥).


(١) «شرح الزركشي» (٣/ ٢٧).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٤٥٣٨)، والنسائي (٤٧٨٨).
(٣) «سنن أبي داود» (٤/ ١٨٣).
(٤) «شرح مشكل الآثار» (١/ ٩٧).
(٥) رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٨١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>