للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ محمَّدُ بنُ الحَسنِ الشَّيباني : قالَ أبو حَنيفةَ : مَنْ قتَلَ رَجلًا عَمدًا قتْلَ غِيلةٍ أو غيرَ غيلةٍ فذلكَ إلى أولياءِ القَتيلِ، فإنْ شاؤُوا قتَلَوا، وإنْ شاؤُوا عَفَوا، وقالَ أهلُ المَدينةِ: إذا قتَلَه قتْلَ غِيلةٍ مِنْ غيرِ نائِرةٍ ولا عَداوةٍ فإنه يُقتلُ، وليسَ لوُلاةِ المَقتولِ أنْ يَعفُوا عنه، وذلكَ إلى السُّلطانِ يَقتلُ فيه القاتلَ.

وقالَ مُحمدُ بنُ الحَسنِ: قَولُ اللهِ ﷿ أصدَقُ مِنْ غَيرِه؛ قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (٣٣)[الإسراء: ٣٣]، وقالَ ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ﴾ [البقرة: ١٧٨] إلى قَولِه: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾، فلَم يُسَمِّ في ذلكَ قتْلَ الغِيلةِ ولا غيْرَها.

فمَن قُتلَ وَليُّه فهو وَليُّه في دَمِه دُونَ السُّلطانِ، إنْ شاءَ قتَلَ وإنْ شاءَ عفَا، وليسَ إلى السُّلطانِ مِنْ ذلكَ شَيءٌ (١).

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ : كلُّ مَنْ قُتِلَ في حِرابةٍ أو صَحراءَ أو مِصرٍ أو مُكابَرةٍ، أو قُتِلَ غِيلةً على مالٍ أو غَيرِه، أو قُتِلَ نائِرةً فالقِصاصُ والعَفوُ إلى الأَولياءِ، وليسَ إلى السُّلطانِ مِنْ ذلكَ شَيءٌ، إلَّا الأدبُ إذا عفَا الوَليُّ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وقَتلُ الغِيلةِ وغيرُه سَواءٌ في القِصاصِ والعَفوِ، وذلكَ للوليِّ دونَ السُّلطانِ، وبه قالَ أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وابنُ المُنذرِ.


(١) «الحجة على أهل المدينة» (٤/ ٣٨٢، ٣٨٣).
(٢) «الأم» (٧/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>