للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضي، وغيرِهما، مع تَنازُعِهم في الرَّجلِ الواقِفِ معها، هل يَكونُ فَذًّا أو لا؟ والمَنصوصُ عن أحمدَ بُطلانُ صَلاةِ مَنْ يَليها في المَوقِفِ.

وأمَّا وُقوفُ الرَّجلِ وَحدَه خلفَ الصَّفِّ فَمَكروهٌ، وتَركٌ للسُّنَّةِ باتِّفاقِهم، فكيفَ يُقاسُ المَنهيُّ عنه بالمَأمُورِ به؟ وكذلك وُقوفُ الإمامِ أمامَ الصَّفِّ هو السُّنةُ، فكيفَ يُقاسُ المَأمُورُ به بالمَنهيِّ عنه، والقياسُ الصَّحيحُ إنَّما هو قِياسُ المَسكوتِ على المَنصوصِ، أمَّا قياسُ المَنصوصِ على مَنصوصٍ يُخالِفُه فهو باطِلٌ باتِّفاقِ العُلماءِ، كقياسِ الرِّبا على البَيعِ، وقد أحَلَّ اللهُ البَيعَ وحَرمَ الرِّبا.

والوَجهُ الثَّاني: أنَّ المَرأةَ وقفت خلفَ الصَّفِّ؛ لأنَّه لم يكن لها مَنْ تُصَافُّه، ولم يُمكِنها مُصافَّةُ الرِّجالِ، ولهذا لو كانَ معها في الصَّلاةِ امرأةٌ لكانَ مِنْ حقِّها أن تَقومَ معها، وكان حكمُها حُكمَ الرَّجلِ المُنفرِدِ عن صَفِّ الرِّجالِ، ونَظيرُ ذلك ألَّا يَجِدَ الرَّجلُ مَوقِفًا إلا خلفَ الصَّفِّ؛ فهذا فيه نِزاعٌ بينَ المُبطِلينَ لِصَلاةِ المُنفرِدِ، والأظهَرُ صحَّةُ صَلاتِه في هذا المَوضِعِ؛ لأنَّ جَميعَ واجِباتِ الصَّلاةِ تَسقُطُ بالعَجزِ، وطَرَدَ هذا صحَّةُ صَلاةِ المُتقدِّمِ على الإمامِ لِلحاجةِ، كقولِ طائِفةٍ، وهو قَولٌ في مَذهبِ أحمدَ.

وإذا كانَ القيامُ والقِراءةُ وإتمامُ الرُّكوعِ والسُّجودِ والطَّهارةِ بالماءِ وغيرِ ذلك يسقطُ بالعَجزِ، فكذلك الاصطِفافُ وتَركُ التَّقدُّمِ، وطَرَدَ هذا بَقيَّةَ مسائِلِ الصُّفوفِ، كمَسألةِ مَنْ صلَّى ولم يَرَ الإمامَ، ولا مَنْ وَراءَه، مع سَماعِه لِلتَّكبِيرِ، وغيرِ ذلك، وأما الإمامُ فإنَّما قُدِّمَ لِيَراهُ المَأمُومونَ، فيَأتَمُّوا به، وهذا مُنتَفٍ في المَأمُومِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>