للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيفٌ مُلطخٌ بالدمِ ووَراءَه قَومٌ يَعدُونَ خَلفَه، فجاءَ حتى جلَسَ مع عُمرَ، فجاءَ الآخَرونَ فقالُوا: يا أميرَ المُؤمنينَ إنَّ هذا قتَلَ صاحِبَنا، فقالَ له عُمرُ: ما يَقولونَ؟ فقالَ يا أميرَ المُؤمنينَ إني ضَرَبتُ فَخِذَي امرَأتِي، فإنْ كانَ بينَهُما أحَدٌ فقدْ قتَلتُه، فقالَ عُمرُ: ما يقول؟ قالُوا: يا أميرَ المُؤمنينَ إنه ضرَبَ بالسَّيفِ فوقَعَ في وَسطِ فَخِذَي المَرأةِ، فأخَذَ عُمرُ سَيفَه فهَزَّه ثم دفَعَه إليه وقالَ: إنْ عادُوا فعُدْ» (١)، ورُويَ عن الزُّبيرِ «أنه كانَ يومًا قد تَخلَّفَ عن الجَيشِ ومعَه جارِيةٌ له، فأتاهُ رَجلانِ فقالَا: أعِطَنا شَيئًا، فألقَى إليهِما طَعامًا كانَ معَه، فقالَا: خَلِّ عنِ الجارِيةِ، فضرَبَهُما بسَيفِه فقطَعَهُما بضَربةٍ واحِدةٍ»، ولأنَّ الخَصمَ اعتَرفَ بما يُبيحُ قتْلَه، فسقَطَ حَقُّه كما لو أقَرَّ بقَتلِه قِصاصًا أو في حَدٍّ يُوجِبُ قتْلَه، وإنْ ثبَتَ ذلكَ ببيِّنةٍ فكذلكَ (٢).

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ : ولو أقَرَّ أولياءُ المَقتولِ منهُما أنه كانَ معَها في الثَّوبِ وتَحرَّكَ تَحرُّكَ المُجامِعِ وأنزَلَ ولم يَقِرُّوا بما يُوجِبُ الحدَّ لم يَسقطْ عنه القَودُ، ولو أقَرُّوا بما يُوجِبُ الحدَّ وكانَ المَقتولُ بكرًا بدَعوَى أوليائِه إخوَتِه أو ابنِه فادَّعى القاتِلُ أنه ثيِّبٌ فالقَولُ قَولُ أوليائِه، وعلى القاتِلِ القَودُ؛ لأنه ليسَ على البِكرِ قَتلٌ في الزِّنى، فإنْ جاءَ ببيِّنةٍ أنه كانَ ثَيبًا سقَطَ عنه العَقلُ والقَودُ.


(١) رواه سعيد في «سُنَنِه» عن هشيمٍ عن مُغيرةَ عن إبراهيمَ عن عُمرَ مُرسَلًا.
ذكَرَ إسنادَ سَعيدٍ المُوفَّقُ في «المُغنِي» (٨/ ٣٣٢).
(٢) «المغني» (٨/ ٢١٦)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٣١، ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>