للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابلةُ إلى أنَّ البالغَ لو أمَرَ صَبيًّا لا يُميِّزُ أو مَجنونًا أو أعجَميًّا لا يَعلمُ خطَرَ القَتلِ فقتَلَ فيُقتلُ الآمِرُ دونَ المُباشِرِ، ولو أمَرَه بزنًا أو سَرقةٍ لم يَجبِ الحدُّ على الآمِرِ؛ لأنَّ الحَدَّ لا يَجبُ إلا على المُباشِرِ، والقِصاصُ يَجبُ بالتسبُّبِ، ولذلكَ وجَبَ على المكرهِ والشُّهودِ في القِصاصِ

وفي قَولٍ: لا يَجبُ القِصاصُ لا عليهِ ولا على مَنْ أكرَهَه؛ لأنَّ عمْدَ الصبيِّ خَطأٌ، والمُكرِهُ (بالكَسرِ) شَريكُ المُخطئِ، ولا قِصاصَ على شَريكِ مُخطئٍ، وأما إذا كانَ الصبيُّ مُميِّزًا فلا يَجبُ القِصاصُ على المُكرِهِ (بالكَسرِ) ولا يَجبُ على الصبيِّ المميِّزِ.

قالَ الإمامُ المِرداويُّ : وإنْ أمَرَ مِنْ لا يُميِّزُ أو مَجنونًا أو عبْدَه الذي لا يَعلمُ أنَّ القتلَ مُحرَّمٌ بالقتلِ فقتَلَ فالقِصاصُ على الآمِرِ، وكذا الحُكمُ لو أمَرَ كَبيرًا يَجهلُ تَحريمَه، وهذا المَذهبُ في ذلكَ كلِّه، وعليهِ الأصحابُ.

إلا أنَّ أبا الخطَّابِ قالَ في «الانتِصَار»: ولو أمَرَ صَبيًّا بالقتلِ فقتَلَ هو وآخَرُ وجَبَ القِصاصُ على آمِرِه وشَريكهِ في رِوايةٍ، وإنْ سَلِمَ فلِعَجزِه غالبًا.

تَنبيهٌ: مَفهومُ قَولِه: «وإنْ أمَرَ مَنْ لا يُميِّزُ بالقَتلِ فقتَلَ فالقِصاصُ على الآمِرِ» أنه لو أمَرَ مَنْ يُميِّزُ بالقتِل فقتَلَ فإنَّ القِصاصَ على القاتلِ.

ومَفهومُ قَولِه: «وإنْ أمَرَ كَبيرًا عاقلًا عالِمًا بتَحريمِ القَتلِ به فقتَلَ فالقِصاصُ على القاتلِ» أنه لا قِصاصَ على غيرِ الكَبيرِ العاقلِ، فشَملَ مَنْ يُميِّزُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>