للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ الأبَ أو المُعلِّمَ أو غيرَهما إذا أمَرَ صَبيًّا بقَتلٍ ولو مُراهِقًا بقَتلِ غيرِه فإنَّ الآمِرَ يُقتلُ دونَ الصبيِّ؛ لعَدمِ تَكليفِه، ويَكونُ على عاقِلةِ الصبيِّ القاتِلِ نِصفُ ديَةِ المَقتولِ عندَ ابنِ القاسِمِ؛ لأنَّ عمْدَه خَطأٌ.

وإنْ تعمَّدَ المُكلَّفُ والصبيُّ كلٌّ منهُما قتْلَ ذلكَ الشخصِ وقتَلاهُ مِنْ غيرِ تَمالؤٍ واتفاقٍ منهُما على قَتلِه ولم يعلَمْ بالآخَرِ فلا قتْلَ على المُكلَّفِ المُشارِكِ للصبيِّ في القَتلِ؛ لاحتِمالِ كَونِ رميِ الصبيِّ هو القاتِلَ، وإنَّما عليهِ نِصفُ الديَةِ في مالِه ونِصفُها الآخَرُ على عاقِلةِ الصبيِّ، إلا أنْ يَدعيَ أولياءُ المَقتولِ أنه ماتَ مِنْ فِعلِ المُكلَّفِ فإنهم يُقسِمونَ عليهِ ويَقتلونَه، فيَسقطُ نِصفُ الديَةِ على عاقِلةِ الصبيِّ؛ لأنَّ القَسامةَ إنما يُقتلُ بها ويَستحقُّ بها واحِدٌ.

وإنْ قَتَلاهُ خَطأً فعَلى عاقِلةِ كلٍّ منهُما نِصفُ الديَةِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى التَّفرقةِ بينَ الصبيِّ المُميِّزِ وغيرِ المميِّزِ:

فقالُوا: ولو أكرَهَ بالغٌ عاقِلٌ مُراهِقًا أو عَكسُه على قَتلِ شَخصٍ فقتَلَه فعَلى البالغِ القِصاصُ؛ لوُجودِ مُقتضيهِ وهو القَتلُ المَحضُ العُدوانُ، هذا إنْ قُلنا: «عَمدُ الصبيِّ عَمدٌ» وهو الأظهَرُ، فإنْ قُلنا: «خَطأٌ» فلا قِصاصَ؛ لأنه شَريكُ مُخطِئٍ، ولا قِصاصَ على الصبيِّ بحالٍ؛ لعَدمِ تكليفِه.


(١) «المدونة الكبرى» (١٦/ ٤٠٣)، و «الاستذكار» (٨/ ٥١)، و «تفسير القرطبي» (١/ ٣٨٦)، و «الذخيرة» (١٢/ ٢٨٤)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٢٢٦)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٠، ١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٩٠، ١٩١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٣٢، ٢٣٣)، و «منح الجليل» (٩/ ٢٩)،.

<<  <  ج: ص:  >  >>