الثانيةُ: إذا قيَّدَه في صَحراءَ ثم رَمَى بالسَّبعِ عليهِ، أو رمَى به على السَّبعِ فأكَلَه .. فلا قوَدَ عليهِ ولا دِيةَ؛ لأنَّ مِنْ طَبعِ السَّبعِ إذا رُميَ به على إنسانٍ، أو رُميَ بإنسانٍ عليهِ .. أنْ يَنفرَ عنه، فإذا لم يَنفرْ عنهُ .. كانَ أكلُه له باختِيارِه.
الثالِثةُ: إذا كانَ السَّبعُ في مَضيقٍ أو بَيتٍ أو بِئرٍ أو زُبيةٍ (١) فرُميَ بالإنسانِ عليهِ، أو كانَ الإنسانُ في المَضيقِ أو في البَيتِ أو في البِئرِ أو في الزُّبيةِ فرُميَ بالسَّبعِ عليهِ فضرَبَه السَّبعُ فماتَ؛ فإنْ ضرَبَه السَّبعُ ضَربًا يَقتلُ مِثلُه في الغالِبِ .. وجَبَ على الرامِي القَودُ؛ لأنه قد اضطرَّ السَّبعَ إلى قَتلِه، وإنْ ضرَبَه ضَربًا لا يَقتلُ مثلُه في الغالِبِ فماتَ .. لم يَجبْ على الرامِي القَودُ؛ لأنَّ الغالِبَ منهُ السَّلامةُ، وتَجبُ عليهِ الدِّيةُ في مالِه، وكذلكَ حُكمُ النَّمرِ وما في مَعناهُ.
وإنْ أمسَكَ السَّبعَ أو النَّمرَ وأفرَسَه إياهُ فأكَلَه .. فعَليهِ القَودُ؛ لأنه قد اضطرَّه إلى ذلكَ.
وإنْ قيَّدَ رَجلًا وطرَحَه في أرضٍ ذاتِ حيَّاتٍ فنهَشَتْه حيَّةٌ منها فماتَ .. فلا قوَدَ عليهِ ولا دِيةَ، سَواءٌ كانَ في مَوضعٍ ضيِّقٍ أو واسِعٍ.
وكذلكَ إذا رُميَ به على الحيَّةِ أو رُميَ بالحيَّةِ عليهِ؛ لأنَّ الحيَّاتِ والعَقاربَ مِنْ طَبعِها النُّفورُ مِنْ الإنسانِ.
(١) الزُّبى: -جَمعُ زُبيةٍ، كمُديةٍ ومُدًى-: حَفرٌ في مَوضعٍ عالٍ يُصادُ فيها السَّبعُ ونَحوُه، وفي المَثلِ: «بلَغَ السَّيلُ الزُّبَى».