يَستطيعُ الخُروجَ منها فأحرَقَتْه النارُ يَجبُ القِصاصُ، ومَوضوعُ المَسألةِ يُشيرُ إلى أنَّ الإحماءَ يَكفِي وإنْ لم تَكنْ فيه نارٌ.
ولو ألقاهُ في النَّارِ ثمَّ أُخرجَ وبه رَمقٌ فمَكثَ أيامًا ولم يَزلْ صاحِبَ فِراشٍ حتَّى ماتَ قُتلَ، وإنْ كانَ يَجيءُ ويَذهبُ ثمَّ ماتَ لم يُقتلْ، كذا في «فتَاوى قاضِي خانْ».
ولو قَمطَ رَجلًا -أي: شَدَّ يَديهِ ورِجليهِ بحَبلٍ- ثمَّ أغلَى له ماءً في قِدرٍ ضَخمةٍ حتَّى إذا صارَ كأنَّه نارٌ ألقاهُ في الماءِ فسُلخَ ساعةَ ألقاهُ فماتَ قُتلَ به، وإنْ كانَ الماءُ حارًّا لا يَغلي غَليانًا شَديدًا فألقاهُ فيه ثمَّ مكَثَ سَاعةً ثمَّ ماتَ وقد تَنفَّطَ جَسدُه -أي صارَ بهِ نَفطةٌ- أو نضَّجَه الماءُ قُتلَ به، وإلا فَلا، وإنْ هو أُخرجَ مِنْ القِدرِ في هذهِ الوُجوهِ وقد انسَلخَ وماتَ مِنْ ساعَتِه أو مِنْ يَومِه أو مكَثَ أيامًا مَضَينَ يُخافُ عليهِ مِنْ ذلكَ قُتلَ به، وإنْ تَماثلَ حتَّى يَجيءَ ويَذهبَ ثم ماتَ مِنْ ذلكَ لم يُقتلْ وعليهِ الدِّيةُ، وهذا قِياسُ قولِ أبي حَنيفةَ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: وإنْ طرَحَه في نارٍ في حَفيرٍ فلم يُمكنْه الخُروجُ منها حتى ماتَ .. وجَبَ عليهِ القَودُ؛ لأنه قتَلَه بما يَقتلُ غالبًا.
وإنْ كانَتِ النارُ في بَسيطٍ مِنْ الأرضِ فإنْ كانَ لا يُمكنُه الخُروجُ منها لكَثرتِها أو لشِدةِ التِهابِها، أو بأنْ كتَفَه وألقاهُ فيها، أو بأنْ كانَ ضَعيفًا لا يَقدرُ
(١) «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٤)، و «الفتاوى الهندية» (٦/ ٥، ٦)، و «الاختيار» (٥/ ٢٩)، و «البحر الرائق» (٥/ ٣٣٥)، و «اللباب» (٢/ ٢٣٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٣٧٠).