وإنْ ألقاهُ في ماءٍ يَسيرٍ فأكَلَه سَبعٌ أو التَقمَه حُوتٌ أو تِمساحٌ فلا قوَدَ عليهِ؛ لأنَّ الذي فعَلَه لا يَقتلُ غالبًا، وعليهِ ضَمانُه؛ لأنه هلَكَ بفِعلِه (١).
وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ﵀ إلى أنَّ مَنْ ألقَى غيرَه في الماءِ فغَرقَ فماتَ فلا قِصاصَ عليهِ، وتَجبُ الدِّيةُ على العاقِلةِ، وقيلَ: إنْ سبَحَ ذلكَ ساعةً ثم غَرقَ بعدَ ذلكَ لم تَجبِ الدِّيةُ.
وجاءَ في «الفَتاوَى الهِنديَّة»: ذكَرَ شَيخُ الإسلامِ في «شَرح زِياداتِ الأصلِ» أنَّ مَنْ غرَّقَ إنسانًا بالماءِ إنْ كانَ الماءُ قَليلًا لا يَقتلُ مثلُه غالبًا وتُرجَى منه النَّجاةُ بالسِّباحةِ في الغالِبِ فماتَ مِنْ ذلكَ فهو خَطأُ العَمدِ عندَهُم جَميعًا، وأمَّا إذا كانَ الماءُ عَظيمًا إنْ كانَ بحيثُ تُمكنُه النَّجاةُ منه بالسِّباحةِ بأنْ كانَ غيرَ مَشدودٍ ولا مُثقلٍ وهو يُحسنُ السِّباحةَ فماتَ يَكونُ خَطأَ العَمدِ أيضًا، وإنْ كانَ بحَيثُ لا تُمكنُه النَّجاةُ فعَلى قَولِ أبي حَنيفةَ ﵀ هو خَطأُ العَمدِ ولا قِصاصَ، وعلى قَولهِما هو عَمدُ مَحضٍ ويَجبُ القِصاصُ، كَذا في «المُحِيط».
ولو أخَذَ رَجلٌ رَجلًا فقَمطَه -أي شَدَّ يَديهِ ورِجليهِ بحَبلٍ- ثمَّ ألقاهُ في البَحرِ فرَسبَ في الماءِ وماتَ ثمَّ طَفَا مَيتًا لا يُقتلُ به، وعليهِ الدِّيةُ مُغلَّظةً، وكذا لو غَطَّه في البَحرِ أو في الفُراتِ فلَم يَزلْ يَفعلُ به كذلكَ حتَّى ماتَ.
ولو أنَّ رَجلًا طرَحَ رَجلًا مِنْ سَفينةٍ في البَحرِ أو في دِجلةَ وهو لا يُحسنُ السِّباحةَ فرسَبَ لا يُقتلُ به عندَ أبي حَنيفةَ ﵀، وعليهِ الدِّيةُ، وإنِ ارتَفعَ
(١) «المغني» (٨/ ٢١٠، ٢١١)، و «المبدع» (٨/ ٢٤٥)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٣٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٩٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٩).