للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رِوايةٍ: فيه القِصاصُ، ولا فرْقَ بينَ أنْ يَكونَ في مَقتلٍ أو لا (١).

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ غرَزَه بالإبرةِ في غيرِ مَقتلٍ نُظرَ؛ إنْ ظهَرَ أثرُ الغَرزِ بأنْ تَورَّمَ المَوضعُ للإمعانِ في الغَرزِ والتَّوغلِ في اللَّحمِ وبقيَ مُتألِّمًا إلى أنْ ماتَ وجَبَ القِصاصُ على المَذهبِ.

وإنْ لم يَظهرْ أثرٌ وماتَ في الحَالِ فثَلاثةُ أوجُهٍ:

أصحها: لا يَجبُ القِصاصُ، ولكنَّه شِبهُ عَمدٍ، فيَجبُ الديَةُ.

والثاني: يَجبُ القِصاصُ.

والثالِثُ: لا يَجبُ قِصاصٌ ولا دِيةٌ؛ إحالةً للمَوتِ على سَببٍ آخَرَ.

أما إذا تأخَّرَ المَوتُ عن الغَرزِ فلا ضَمانَ قَطعًا.

وهذا التَّفصيلُ بينَ المَقتلِ وغيرِه إنما هو في حَقِّ المُعتدلِ، أما إذا غرَزَ في بَدنِ صَغيرٍ أو شَيخٍ هَرِمٍ أو نَضوِ الخِلقةِ في أيِّ مَوضعٍ كانَ فإنه يَجبُ القِصاصُ.

ولو غرَزَها فيما لا يُؤلمُ كجِلدةِ عَقبٍ ولم يُبالغْ في إدخالِها فماتَ فلا شيءَ في غَرزِها بحالٍ، سَواءٌ أمَاتَ في الحالِ أم بَعدَه؛ للعِلمِ بأنه لم يَمُتْ منه، وإنما هو مُوافَقةُ قَدرٍ، كما إذا ألقَى عليهِ خِرقةً أو ضرَبَه بقَلمٍ فماتَ، أما إذا بالَغَ فيَجبُ القَودُ قَطعًا (٢).


(١) «الاختيار» (٥/ ٢٩)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ١٩٣)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٣٩)، و «الدر المختار مع حاشية ابن عابدين» (٦/ ٥٢٨).
(٢) «البيان» (١١/ ٣٣٤، ٣٣٥)، و «روضة الطالبين» (٦/ ١٣٣، ١٣٤)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٣٠، ٣٣١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٢٩٢، ٢٩٣)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٨٩، ٢٩٠)، و «الديباج» (٤/ ٩، ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>