للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالِثُ: أنْ يَقصدَ القَتلَ على وَجهِ الغِيلةِ، فيَتحتَّمُ القَتلُ، ولا عَفوَ، قالَه ابنُ رُشدٍ في «المُقدِّمات» (١).

وقالَ الشافِعيةُ: قَتلُ العَمدِ المَحضُ: أنْ يَقصدَ الفِعلَ والشَّخصَ المُعيَّنَ بشَيءٍ يَقتلُ غالبًا، فلا يُسمَّى قتْلَ عَمدٍ إلا إذا تَحقَّقَ فيهِ أمرَانِ:

أحَدُهما: قَصدُ الشَّخصِ بالقَتلِ، فلو كانَ غيرَ قاصِدٍ لقَتلِه فإنه لا يُسمَّى عَمدًا، كمَن رَمَى سَهمًا يُريدُ صَيدًا فأصابَ شَخصًا فقتَلَه.

ثانيهمَا: أنْ تَكونَ الوسِيلةُ في القَتلِ ممَّا يَقتلُ غالبًا، فلو أنه ضرَبَه بِعَصًا صَغيرةٍ أو بحَصاةٍ صَغيرةٍ في غيرِ مَقتلٍ فماتَ مِنْ ذلكَ الضَّربِ فإنه لا يُسمَّى ذلكَ القَتلُ قتْلَ عَمدٍ؛ لأنَّ تلكَ الوَسيلةَ لا تَقتلُ في الغالبِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: قَتلُ العَمدِ الذي يَختصُّ به القَودُ: أنْ يَقصدَ الجانِي مَنْ يَعلَمُه آدَميًّا مَعصومًا فيَقتلَه بشَيءٍ يَغلبُ على الظنِّ مَوتُه بهِ، مُحدَّدًا كانَ أو غيرَه، فلا قِصاصَ إنْ لم يَقصدِ القَتلَ، أو قصَدَه بما لا يَقتلُ غالِبًا (٣).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ قتْلَ العَمدِ هو: أنْ يَتعمَّدَ ضرْبَ الآدَميِّ في أيِّ مَوضعٍ مِنْ جَسدهِ بآلةٍ تُفرِّقُ الأجزاءَ، مثلَ سِلاحٍ ومُثقَّلٍ ولو مِنْ حَديدٍ، ولو لم يَقصدْ قتْلَه؛ لأنَّ العَمدَ هو القَصدُ، ولا يُوقَفُ عليهِ إلا بدَليلِه، ودَليلُه


(١) «حاشية الدسوقي» (٤/ ٢٤٢).
(٢) «روضة الطالبين» (٦/ ١٣١، ١٣٢)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٢٨، ٣٢٩)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١٣، ٢١٤)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢٨٦، ٢٩٠).
(٣) «المغني» (٨/ ٢١٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٩٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>