للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ لم يَقصدْ ضرْبَه وثبَتَ ذلكَ إما ببَينةٍ أو بإقرارِ المَجنِي عليهِ فإنه لا قوَدَ عليهِ؛ لأنه خَطأٌ، وفيهِ الديَةُ على العاقِلةِ.

وسَواءٌ قصَدَ الشَّخصَ المَضروبَ نفْسَه أو قصَدَ أنْ يَضربَ شَخصًا عُدوانًا فأصابَ غيرَه، فإنه يُقتلُ به، وما قِيلَ: «إنه مِنْ الخَطأِ» ضَعيفٌ.

وأما لو قصَدَ ضرْبَ مَنْ يَحلُّ له ضَربُه فأصابَ غيرَه فهو خَطأٌ، بشَرطِ ضَربِ اللَّعبِ أو الأدَبِ، وقَولُنا: «في غَيرِ جِنايةِ الأصلِ .. إلخ» مُخرَّجٌ لجِنايةِ الأبِ على وَلدِه، فإنَّ قَصْدَ ضَربِه لا يَكونُ مُوجِبًا لقَتلِه كغَيرِه؛ لأنه كانَ سَببًا في إخراجِ الوَلدِ مِنْ العَدمِ إلى الوُجودِ، فلا يُقتلُ به، إلا إذا قصَدَ إزهاقَ رُوحِه (١).

قالَ الدُّسوقيُّ : واعلَمْ أنَّ القَتلَ على أوجُهٍ:

الأولُ: أنْ لا يَقصدَ ضرْبَه، كرَميِه شَيئًا أو حَربيًّا فيُصيبَ مُسلمًا، فهذا خَطأٌ بإجماعٍ، فيهِ الديَةُ والكفَّارةُ.

الثاني: أنْ يَقصدَ الضَّربَ على وَجهِ اللَّعبِ، فهو خَطأٌ على قَولِ ابنِ القاسِمِ ورُوايتِه في «المُدوَّنة»، خِلافًا لمُطرِّفٍ وابنِ الماجشُونِ، ومثلُه إذا قصَدَ به الأدبَ الجائِزَ، بأنْ كانَ بآلةٍ يُؤدبُ بها، وأما إنْ كانَ الضَّربُ للتأديبِ والغَضبِ فالمَشهورُ أنه عَمدٌ يُقتَصُّ منه، إلا في الأبِ ونحوِه فلا قِصاصَ، بل فيهِ دِيةٌ مُغلَّظةٌ.


(١) «شرح مختصر خليل» (٨/ ٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>