للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدَّليلُ على قَبولِ تَوبتِه قولُه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان: ٦٨] إلى قَولِه: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ [الفرقان: ٧٠].

وقَولُ اللهِ تعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، فجعَلَه داخِلًا في المَشيئةِ.

وقالَ تعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣].

ولحَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ أنَّ نَبيَّ اللهِ قالَ: «كانَ فيمَن كانَ قبلَكُم رَجلٌ قتَلَ تِسعةً وتِسعينَ نفسًا، فسَألَ عن أعلَمِ أهلِ الأرضِ فدُلَّ على راهبٍ، فأتَاهُ فقالَ إنهُ قتَلَ تِسعةً وتِسعينَ نفسًا فهلْ له مِنْ تَوبةٍ؟ فقالَ: لا، فقتَلَه فكمَّلَ به مِائةً، ثمَّ سَألَ عن أعلَمِ أهلِ الأرضِ فدُلَّ على رَجلٍ عالمٍ فقالَ إنه قتَلَ مِائةَ نَفسٍ فهلْ له مِنْ تَوبةٍ؟ فقالَ: نعمْ، ومَن يَحولُ بينَه وبينَ التَّوبةِ؟! انطَلِقْ إلى أرضِ كذا وكذا فإنَّ بها أُناسًا يَعبدُونَ اللهَ فاعبُدِ اللهَ معَهُم، ولا تَرجعْ إلى أرضِكَ فإنَّها أرضُ سَوءٍ، فانطَلقَ حتى إذا نصَفَ الطَّريقَ أتاهُ المَوتُ، فاختَصمَتْ فيه مَلائِكةُ الرَّحمةِ ومَلائكةُ العَذابِ، فقالَتْ مَلائكةُ الرَّحمةِ: جاءَ تائبًا مُقبِلًا بقَلبِه إلى اللهِ، وقالَتْ مَلائِكةُ العَذابِ: إنه لم يَعملْ خَيرًا قطُّ، فأتَاهُم ملَكٌ في صُورةِ آدَميٍّ فجَعلُوهُ بينَهُم فقالَ: قِيسُوا ما بينَ الأرضَينِ، فإلى أيَّتِهما كانَ أدنَى فهُو له، فقاسُوهُ فوَجَدوهُ أدنَى إلى الأرضِ التي أرادَ، فقبَضَتهُ مَلائكةُ الرَّحمةِ» (١).


(١) أخرجه البخاري (٣٢٨٣)، ومسلم (٢٧٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>