ظُلمٌ، كما دلَّتْ على ذلكَ الأحاديثُ الصَّحيحةُ المُستفيضةُ عن النبيِّ ﷺ؛ لأنَّ الفسادَ في القِتالِ والفِتنةِ أعظَمُ مِنْ الفَسادِ الحاصلِ بظُلمِهم بدونِ قتالٍ ولا فتنةٍ، فلا يُدفَعُ أعظَمُ الفَسادينِ بالتِزامِ أدناهُما، ولعَلَّه لا يكادُ يُعرَفُ طائفةً خرَجَتْ على ذي سلطانٍ إلا وكانَ في خُروجِها مِنْ الفسادِ ما هو أعظَمُ مِنْ الفَسادِ الذي أزالَتْه.
وفي صَحيحِ مُسلمٍ عن أمِّ سَلمةَ ﵂ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قالَ:«سَيكونُ أمَراءُ فتَعرِفونَ وتُنكرِونَ، فمَن عرفَ بِرَئَ، ومَن أنكَرَ سَلِمَ، ولكنْ رَضِيَ وتابَعَ، قالوا: أفَلا نُقاتِلُهم؟ قالَ: لا، ما صَلُّوا»، فقدْ نهَى رَسولُ اللهِ ﷺ عن قِتالِهم مع إخبارِه أنهُم يَأتونَ أمورًا مُنكَرةً، فدَلَّ على أنه لا يَجوزُ الإنكارُ عليهِم بالسَّيفِ كما يَراهُ مَنْ يقاتِلُ ولاةَ الأمرِ مِنْ الخَوارجِ والزَّيديةِ والمُعتزلةِ وطائِفةٍ مِنْ الفُقهاءِ وغيرِهم.
وفي الصَّحيحينِ عن ابنِ مَسعودٍ ﵁ قالَ: قالَ لنا رَسولُ اللهِ ﷺ: «إنكُم سَتَرونَ بعدِي أثَرةً وأمورًا تُنكِرونَها، قالوا: فما تأمُرُنا يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: تُؤدُّونَ الحقَّ الذي عليكُم وتَسألونَ اللهَ الذي لكُم».